إن للطفولة متطلبات نفسية هامة تعمل على اكتمالهم وعلى الوالدين إدراكها وإشباعها لدى أطفالهم ومنها حاجتان نذكرهما هنا:
1 - الحب والقبول
في الطفولة تنمو المشاعر وتتأصل، وتلعب العاطفة دوراً كبيراً في الثبات الأخلاقي عند الطفل، ذلك أن حب الأم والأب كالبلسم الشافي يحميه من القلق وأثقاله ويخفف عنه التعب، ويبدّد خوفه، ويقوّي مناعته ضدّ كل ما من شأنه أن يسبّب له الشقاء ويتحكم بإرادته التي هي مصدر طاقة لتحقيق الأهداف... كل طفل يحتاج إلى أن يكون محبوباً ومقبولاً يحترمه الآخر ويتقبّل وجوده ليشعر بقيمته وشخصيته. وإنه لخطر كبير على الجيل وعلى المجتمع أن يعتبر أحد ما أن وجوده لا قيمة له وأنه غير مقبول ومُهمل، فذلك يمنعه من التكيّف مع بيئته ويحوّله إلى إنسان لا مبالٍ وأحياناً عدائي، وعادةً يكتسب عادة الانطواء على الذات وقد تهون عليه نفسه، ومن هانت عليه نفسه لا تأمن شرّه؛ إذ يكفي أن يشعر الطفل انه غير محبوب أو مقبول حتى يفقد عفويته وحيويته وثقته بنفسه، وينفر من المجتمع.
2 - الارتباط والصداقة
الطفل بحاجة الى الارتباط بشخص ما وهذا الارتباط يجب أن يمنحه الإحساس بالقوة، والقدرة على الدفاع عن نفسه، والتعبير عن ميوله وأن يُلهمه التصوّر بأنه قادر على حل المشاكل والصعوبات التي قد تعترضه.
يشعر الطفل بأنه أقوى من الآخرين في ظل الارتباط والتعلّق، وهذا ما سيدفعه إلى التقدّم وعدم الخوف، وسيتصرف إذا واجهته صعوبات أو اعترضته أزمة، باطمئنان وقوة وثقة أكبر بالنفس.. ويمكننا إرضاء حاجته بالتعلّق والارتباط وإشباعها من خلال إتاحة الفرصة أمامه للمشاركة في أمور الأسرة، ومنحه مكاناً خاصاً في الحياة العائلية، واعتبار وجوده مصدر المرح والنشاط فيها.
والصداقة هي من الحاجات الاجتماعية المهمة للأفراد، والتي ينبغي أن تتم بناءً على ضوابط أخلاقية معينة ووفق عادات وآداب محدّدة، فإن لم تجد هذه الحاجة إشباعاً سيصاب الطفل بالكآبة والانزواء، وسيتعرض للكثير من المشاكل الأخلاقية والشخصية والعاطفية.. فالطفل بحاجة إلى مرافقة أطفال من سنّه، والاستئناس بهم، ما يرفد نشاطه ويجعله أكثر تكيّفاً، شرط أن يبقى تحت إشرافنا وملاحظتنا، كي لا يتعلم من غيره بعض السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً وأدبياً. والطفل يحتاج أيضاً إلى المعرفة التي لها دور في تفتّح مواهبه، والى الهدوء والسكون واللعب وممارسة النشاطات التي تنمّي مهاراته الذهنية والفكرية، كما يحتاج إلى الحرية والاستقلال، وكلها حاجات مساندة له.
ولأن أولادنا هم الثروة الماديّة والمعنوية الحقيقية للمجتمع، يجب أن نبذل قصارى جُهدنا للوفاء بمطالبهم وحاجاتهم والمربّي الجيّد هو كالمهندس البارع القادر على التنقيب لاستخراج المعادن الثمينة من الأعماق المظلمة.