في يوم الأربعاء العاشر من شوال سنة 1433هـ فجعنا جميعاً بخبر هز النفس، وألم القلب، ولم يكد الواحد منا أن يصدقه لهوله، إنه خبر وفاة الشيخ والأستاذ والداعية أحمد بن عبدالله الفارس -رحمه الله- فقيد القارة السمراء كما أسماه البعض وهو في الحقيقة فقيد القلوب أبو عبدالله -رحمه الله-.
هو شخصية فريدة من نوعها جمع الله له صفات متعددة فهو صاحب عطاء لا يكل، وصاحب دعوة لا يفتر، وصاحب مجلس لا يمل، وصاحب تواضع جم، ترتاح له من مرآك له، ومحبته تقع في القلب بعفويته، آخر مرة هاتفني فيها قبل وفاته بيومين أوصاني فيها بقضاء حاجة شخص يريد إدخاله ابنته في الجامعة، شغله الشاغل تتبع حاجات الناس وقضاء حوائجهم، ولا تجده في مجلس إلا ويأتي بذكر الدعوة في خارج المملكة والإنجازات فيها، ويتحاشى تعظيمه لنفسه حتى آخر ليلة في حياته كان يتحدث عن الدعوة في إفريقيا بكل تواضع وفرح.
ولقد كان بيني وبينه بعض الأمور التي ربما لم يطلع عليها الغير، ومنها دعمه لأنشطة المركز وتبني بعض المشروعات الدعوية والتي كان من أبرزها أشرطة القرآن الكريم والتي يأتي بها من مكة المكرمة، ولا تزال نسخٌ منها توزع إلى الآن.. وكان غالبها تلاوة بصوت الشيخ سعود الشريم لأنه يحب تلاوته.
في هذه السنة قابلته بالمدينة النبوية بعد صلاة الجمعة في شهر رمضان وكان واضحاً عليه الإعياء ومعه أحد الدعاة من إفريقيا وبعدها بيومين اتصلت عليه لأطمئن عليه ووجدته بمكة، لا إله إلا الله همتهُ لا تعرف الفتور.
من تدريسه لي في الصف الثاني متوسط وأنا أكن له المحبة والتقدير ولازلت، وستظل محبته باقية، مواقفه تبيّن أن هذا الرجل متميز، ويترك بصمته الطيبة عليك، ويجعل أثراً رائعاً في نفسك، تعامله البسيط والبعيد عن التكلف يجعله صاحب علاقات اجتماعية ناجحة ولا تجد هذه الصفة إلا في الندرة من الناس.
في الحقيقة تعجز الكلمات عن إيضاح حقه، فهو صاحب سيرة لها رائحةٌ طيبةٌ قد شمّها البعيد قبل القريب، هو بحق مدرسةٌ في العطاء ومدرسةٌ في الأعمال الخفية، بحق هو جامعة ضمت عدة مدارس، رحمك الله أبا عبدالله وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى من الجنة.
ماجد بن سعد الحمود - مدير مركز الدعوة والإرشاد بالدرعية