حـريٌّ بكل سعودي أن يقف في ذكرى اليوم الوطني وقفة تأمُّل يستعيد فيها أبعاد توحـيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحـمن آل سعود، يرحـمه الله، وانعكاساتها على المجتمع السعودي اقتصاداً وأفراداً. لقد غرس توحـيد هذه الأرض الطيبة أول بذور النماء التي تشكَّل منها عصب الاقتصاد السعودي، إذ أثبتت تجارب الأمم أن الأمن الوطني والاستقرار السياسي شرطان أساسيان للنمو الاقتصادي. إن المتتبع لمسيرة الاقتصاد السعودي لا يمكنه أن يغفل الحـنكة السياسية التي تمتع بها الملك عبدالعزيز وبعد نظره ورؤيته الاستراتيچية للمملكة العربية السعودية بعد أن فتح الله على يديه كنز البترول الذي كان وقوداً أساسياً لعجلة التنمية. أدرك الملك عبدالعزيز أن تحـقيق التنمية يتطلب تهيئة مناخ سياسي يمكِّن من استثمار وتسخير تلك الثروة، فجعل السياسة في خدمة الاقتصاد وأرسى بذلك التوجه قاعدة سارت البلاد على نهجها لتشكل أكبر اقتصاد عربي في الوقت الحـاضر. لم يكن مشوار النماء سهلاً، وكانت عزيمة القيادات السعودية تقود مسيرة شعب انهمك في البناء يفتت كل عقبة تقف أمامه وهو يشيد اقتصاداً امتد هيكله ليستوعب قطاعات صناعية وزراعية وخدمية خلقت منظومة متكاملة تجسد ملحـمة تنموية سابقت الزمن ورسمت معالم حـضارية جمعت بين عبق الماضي وزهو الحـاضر وتهيأت للمستقبل بتطلعات واعدة واثقة. حـريٌّ بكل سعودي أن يقف في ذكرى اليوم الوطني وقفة تأمُّل يسترجع فيها مسيرة سنوات من البذل والعطاء يشحـذ بها همته ويوطِّن بها نفسه عزة وشموخاً ليكون امتداداً للأوائل منا الذين رصفوا بداية الطريق وأفسحـوا لنا الفرصة لمده إلى آفاق المستقبل. إن ذكرى اليوم الوطني هي رمز للإنسان السعودي الذي يتمحـور فيه كل جهد وكل عمل يفضي إلى إضافة لبنة أخرى في هذا البناء الشامخ الذي شكل أنموذجاً يحـتذى للإنسان العربي في عالم يعج بالاضطرابات والتناقضات، ووقفة التأمل هي تأكيد على مفهوم ومضمون هذا الرمز ومواجهة هذا العالم بخطى واثقة تشق طريقها إلى المستقبل مرتكزة على إرث فكري وعملي يحـمل بذور البقاء والنماء.
رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض