كان للعلامة الشيعي -السيد- علي الأمين -قبل أيام-، كلمته في وصف قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية، ودعوة خادم الحرمين الشريفين -الملك- عبد الله بن عبد العزيز؛ لتأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، بأنها جاءت: “ليضع يده على أهم النوافذ لدخول الفرقة بين المسلمين؛ من أجل إغلاقها، وإبعاد الفتنة عن أبناء الأمة الواحدة، وستؤسس هذه الدعوة لمرحلة جديدة في حياة المسلمين، قائمة على الحوار، والتقارب “، وهو ما يعكس في نظري، تطلع تلك الدعوة إلى إعادة لمّ شمل الدول -العربية والإسلامية-، بعد أن أصبحت متناحرة فيما بينها، وتعرضها لأنواع من التفرق، والتمزق، بفعل ما يحاك ضدها من مؤامرات، وما يعد لها من تأجيج -فكري وسياسي وتاريخي- في آن واحد.
لا يشك عاقل، في أن المذهبية الطائفية المقيتة لامست خطاً أحمر للفتنة، وأنها بدأت تطل برأسها؛ مما يهدد وحدة كثير من الدول الإسلامية، ويؤثر في أحوالها الأمنية، والسياسية، وأوضاعها الاجتماعية، والاقتصادية. فالفتنة المذهبية مسلكها وعر، ومفاوزها دامية، وما يحدث اليوم من صور التوتر، والاقتتال بين المسلمين، سببه ما سبق. الأمر الذي يُحتّم علينا معرفة أسباب الظاهرة، وليس الوقوف على وصفها -فقط-، فالنقد الذاتي ضرورة، يجب ممارستها عندما نرغب في تقييم الحدث، أو محاكمة الظرف الراهن أمام التاريخ.
إن العبرة كل العبرة في إيجاد مخرج، يؤكد على قيم الوحدة، والائتلاف بين المسلمين، متجاوزين الشعارات التي يطلقها البعض، وهو المدرك سلفاً أنها مستحيلة، باستثناء إشغال خط الممانعة بتلك الصراعات المذهبية، وكافة أشكال صور الاقتتال الداخلي. وما لم يقم العقلاء، والحكماء بمبادرات تحاصر الفتن المذهبية، والعمل على تفكيك موجباتها، وأسبابها، فإن الأمة الإسلامية -مع الأسف- ستدخل في فتنة مذهبية عمياء، لا تبقي، ولا تذر.
قرار قمة مكة بوأد الفتنة المذهبية، والدعوة إلى حوار المذاهب الإسلامية، هو أحد القرارات المهمة التي سنراهن عليها في المرحلة المقبلة؛ لنخرج بمستوى الطموحات. فالمعادلة المنطقية، تشير إلى توجيه الأنظار نحو تصويب المقدمات الخاطئة؛ حتى لا تنتهي بنا إلى نتائج خاطئة، لا تحمد عقباها. ولن يتحقق ذلك إلا بترسيخ ثقافة الحوار بين جميع الأطراف، ورفض الغلو الفكري، والسلوكي، واجتناب الوقوع في الصراعات المذهبية، والطائفية؛ من أجل ألا نقع في دسائس تلك المواجهات، وحبالها الخفية.
drsasq@gmail.com