لا أعجب من ظهور حملات سخرية بالرسالة المحمدية من لدن جماعات حاقدة أو غير مدركة لعظمة الدين الإسلامي، فقد ظهرت في حياته صلى الله عليه وسلم بوصمه بالجنون والسحر واستنقاصه بأنه أبتر لوفاة أبنائه الذكور وبقاء نسله من الإناث ! بل وقيام سفهاء قريش برمي القاذورات على ظهره الكريم، ولم يثأر أو ينتقم لنفسه من أولئك السفهاء، بل دعا لهم لأنهم لا يعلمون وغير مدركين لمهمّته الربانية. إلاّ أنني أعجب من قيام بعض المدافعين عنه عليه الصلاة والسلام بالتدافع والمظاهرات الحربية وإراقة الدماء وحرق السفارات، ولو كان بيننا لم يرضَ بهذه الأعمال المسيئة للإسلام وله عليه أفضل الصلوات والتسليم. فالرسول الذي يسيئون إليه قد وجّهنا بأن نكون متسامحين مع الآخرين مؤمنين ومحترمين للأديان والأنبياء والمرسلين مصداقاً لقوله تعالى (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
ما يحز في النفس ازدواجية الخطاب الغربي المؤمن بحرية التعبير المثير للفتن الاستفزازي، وإدانة التصرفات العاطفية التي عكستها تلك الحرية المنفلتة! فنحن المسلمون ندين القتل والإرهاب وإفساد الأرض، ولكننا بذات الوقت نرفض الاستفزازات والتحرش بشريعتنا وبحبيبنا الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق وأتمّهم أخلاقاً. وحين تتخلّى حكومات الدول العظمى عن كبح جماح بعض سفهائها وكراهيتهم لنا، فحري بها ألاّ تطالبنا بتقييد عواطف شبابنا المقهور الذي ملّ الاستعمار والاستعباد الفكري طيلة قرون عدة. فلا زال المسجد الأقصى يرزح تحت احتلال اليهود وقد كبلت أيدي الشباب وعقولهم وهم يرون أحد مقدّساتهم يعاث بها فسادا!
وإذ نرجو من الله اللطف بنا ونصرنا على أعداء الأُمّة؛ لنأمل أن يربط الله على قلوب الشباب الإسلامي الذي يسري الحماس في عروقه، وليدركوا أنّ تلك الأفعال المشينة من قتل وحرق وترهيب لمعاهدين لا تزيد إسلامنا إلاّ وهناً ولا حجّتنا إلاّ ضعفاً، والله عزّ وجلّ أمرنا بالجدال الحق والموعظة الحسنة، ولن نحيد عن توجيهه وأمره عزّ وجلّ. وكم من سيف أغمده رسول الله عليه أزكى الصلاة والسلام ضد جاهل أو منافق كيلا تقوم فتنة، ولنا فيه الأسوة الحسنة والقدوة المثلى.
والمسلمون بعمومهم يقرأون الآيات العظيمة ويعلمون أنّ الله قد كفى نبيه مَن يسخر به بقوله {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}، وحين يكفيه الله بعزّته وعظمته، فإنه قد كفانا أيضاً محاربتهم، ودعانا لاتباع سنّته وهديه. فهل فعلنا ؟
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny