مع أن الجميع يعلم بوجود عسكري إيراني في لبنان وسوريَّة والعراق من خلال تشكيلات فيلق القدس، الذي يجمع بين التدريب العسكري المتميِّز والإعداد الإيدلوجي الطائفي، إلا أن إيران وعبر مسؤوليها السياسيين كانت تنفى ذلك الوجود، حتَّى كشف عن ذلك أعلى مسؤول عسكري في إيران، إذ كشف اللواء محمد علي جعفري القائد الأعلى للحرس الثوري أعلى سلطة عسكريَّة، الذي تتجاوز سلطاته كل المؤسسات الأخرى، وأعلن عن «أن عددًا من أعضاء قوة القدس موجودون في سوريا ولبنان» وقال: إنهم يقدِّمون «المساعدة الفكريَّة والمشورة وحتى المساعدة المالية».
اعتراف جعفري هذا لم يضف شيئًا جديدًا سوى أنه يشكِّل اعترافًا رسميًا سيدفع الجهات الدوليَّة إلى التحرك لمواجهة هذا العبث الإيراني.
وإذ كان النظام السوري لم يتورع في الاستعانة بالحرس الثوري الإيراني في قتل السوريين الأبرياء واستعمال الإيرانيين في عمليات القتل وتشغيل راجمات الصواريخ ومدفعيَّة الميدان والاشتراك في تنفيذ المجازر التي طالت المدن السوريَّة التي استعمل من خلالها المقاتلون الإيرانيون والشبيحة السكاكين والأسلحة البيضاء لذبح المدنيين السوريين، إذ لاحظ المتابعون تصاعد وتيرة القتل الهمجي في ذبح وقصف المدن وتدمير المنازل بعد مشاركة عناصر الحرس الثوري الإيراني.
جعفري وبكثير من البجاحة يعلن دون أي خجل إرسال قوات إيرانيَّة لدعم نظام بشار الأسد، مدعيًّا أنهم يدعمون نظام الممانعة الذي يواجه الكيان الإسرائيلي، بالرغم من أن هذا النظام استرخت قواته طوال أربعين عامًا ولم تستقيظ إلا لكي تقتل أبناء الشعب السوري.
هذا في سوريَّة التي تذكر بعض المعلومات الاستخباريَّة أن هناك قرابة الأربعة آلاف من قوة القدس التابعة للحرس الثوري يقودها اللواء قاسم سليماني.
أما في لبنان فالعدد غير معروف إلا أن عناصر الحرس الثوري لهم وجود قديم في لبنان منذ عام 1982م، حيث وجود عدد منهم لتدريب عناصر حزب حسن نصر الله الذي يُعدُّ أحد تشكيلات الحرس الثوري في لبنان، وظلَّ الوجود الإيراني يتزايد ويتصاعد، إذ كان المقاتلون الإيرانيون يشرفون على عمليات إطلاق الصواريخ ويقومون بالتدريبات والتخطيط، وكان هناك دمج للعناصر القتاليَّة بين الإيرانيين واللبنانيين، إذ كلاهما يُعدُّ من تشكيلات الحرس الثوري، كما أن الإيرانيين أقاموا معسكرات تدريب لمواطنين في دول الخليج العربيَّة واليمن، وقد كشفت حكومة البحرين عن تدريب بعض من مواطنيها للقيام بأعمال إرهابيَّة وتخريبيَّة، وتَمَّ ذلك على الأراضي اللبنانيَّة في معسكرات حزب حسن نصر الله.
الوجود العسكري الإيراني في لبنان والاعتراف الرسمي لأعلى شخصيَّة عسكريَّة إيرانيَّة وما يتبع ذلك في وجود معسكرات تدريب لتنفيذ الأعمال الإرهابيَّة تفرض على الحكومة اللبنانيَّة أن ترفع الأمر إلى مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربيَّة ومنظمة التعاون الإسلامي، فهذا الوجود هو بمثابة احتلال عسكري ينال من السيادة اللبنانيَّة ويدمر السلم الاجتماعي في لبنان وخصوصًا أن هذه العناصر المسلحة الإيرانيَّة قد ثبت مشاركتها في أعمال انتقاميَّة ضد الطوائف اللبنانيَّة الأخرى.
jaser@al-jazirah.com.sa