يُحسب لوزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة، فتحه ملف المساهمات المتعثرة وشروعه في تصفيتها بعد أن ظلت معلقة لسنوات طوال.
الوزارة وازنت بين رغبتها الملحة في التصفية، امتثالاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين القاضية برد الحقوق لأصحابها، وبين مصلحة صغار المساهمين الذين ربما لحق بهم الضرر بسبب التصفية القسرية، أو تتابع التصفيات التي قد تؤثر سلباً في الأسعار، ففي الغالب يحجم المستثمرون عن تقديم أسعار مغرية في مزادات التصفية، في الوقت الذي يُؤثر فيه تتابع طرح المساهمات العقارية سلباً على الأسعار.
كان الطلب على مساهمتي «العارض»، و «درة الخُبر» كبيراً من قبل المستثمرين، وساعد ذلك في تقديم عروض مناسبة مكّنت الوزارة من إمضاء البيع بعد أن ضمنت تحقيق أرباح مجزية للمساهمين.
إلا أن الوزارة ألغت لاحقاً بيع مساهمتي «جوهرة الشرق» و»كنوز جدة» لعدم وصول أسعار العروض المقدمة للسعر العادل.
الوزير الربيعة أكد أن «اللجنة لن تسمح ببخس حق المساهمين حتى لو ترتب على ذلك إعادة الطرح أكثر من مرة»، وهذا أمر جيد ولا شك، ويحقق مصلحة المساهمين، ولكن ماذا عن حقوق المستثمرين، وعلاقتها في دعم مزادات التصفية؟!.
أعتقد أن تبعات تصفية مخطط «العارض» ربما حدت من دخول كبار المستثمرين في مزادات التصفية اللاحقة، فالمستثمر يهمه الحصول على صكوك الملكية بمجرد دفعه قيمة الشراء المتفق عليها، أو في مدة قصيرة لا تتجاوز أسبوع، إلا أن ذلك لم يحدث في مساهمة «العارض» التي ما زالت صكوكها عالقة حتى اليوم، ولم تعط الوزارة تاريخاً محدداً لإنجازها.
تأخُّر الوزارة في إتمام عملية التقابض، وتسليم المُشترين صكوكهم الشرعية ألحق بهم خسائر غير متوقعة، فتجميد أموال الشراء وعدم نقل الملكية حرم المستثمرين من استثمار أموالهم، أو التربح من بيع العقارات التي آلت إليهم بالشراء.
الوقت يُعتبر مالاً للمستثمرين الباحثين عن الفرص الاستثمارية في أسواق العقار، والأسواق الأخرى، وربما كانت الأسعار المقدمة من قبلهم مبنية على الزمن القصير الذي اعتقدوا أن عملية «إعادة البيع» ستستغرقه، بعد استلامهم صكوك الملكية.
أحسب أن تأخُّر إتمام عملية الإفراغ لما يقرب من أربعة أشهر، مع عدم إعلان وقت محدد لتسليم الصكوك، أصاب المستثمرين بالإحباط ومنع بعضهم من دخول المزادات الأخرى ما أثر سلباً على الأسعار.
عملية بيع أراضي المساهمات المتعثرة في المزاد يُفترض أن تُشكّل المرحلة النهائية من مراحل التصفية، وأعني أن تستكمل جميع الإجراءات التنظيمية المرتبطة بالجهات الحكومية ذات العلاقة، قبل طرح المساهمة للبيع وبما يضمن إتمام عمليات الإفراغ فوراً، أو خلال مدة زمنية قصيرة. من غير المقبول، شرعاً، ولا نظاماً قبض الثمن دون إتمام عملية الإفراغ، ففي هذه الحالة تكون الوزارة قد أنصفت المساهم وبرّته، وأضرت بالمستثمرين، خصوصاً أن تأخير الإفراغ يؤثر في البيئة الاستثمارية التي اتخذ من خلالها المستثمر قرار الشراء.
وزارة التجارة مطالبة بحفض حقوق المستثمرين من أجل تحفيزهم لدخول المزادات الأخرى، وبما يحقق الهدف المنشود وهو الحصول على سعر البيع العادل. الموازنة بين حقوق المساهمين والمستثمرين تحقق العدالة للجميع، وتزيد ثقة طرفي العلاقة بالدور الحيوي الذي تقوم به وزارة التجارة. ثقة المستثمرين بالجهة الضامنة والمنظمة للمزاد تحفزهم مستقبلاً على الدخول والمزايدة والتنافس فيما بينهم ما قد يساعد في الوصول إلى الأسعار العادلة التي تبحث عنها الوزارة لمصلحة صغار المساهمين.
وزارة التجارة مطالبة بالتعجيل في إنهاء إفراغ صكوك مخطط «العارض»، وضمان نقل ملكية الأراضي المباعة في مزاداتها خلال أيام معدودة، وهذا يتطلب منها العمل على إنهاء جميع المعوقات التي تعترض إتمام عمليات الإفراغ لدى جميع الجهات المختصة قبل طرح المساهمة للبيع.
f.albuainain@hotmail.com