أحد من أثق بنقائه في الوسط الإعلامي من الزملاء الشعراء لديه حساسية مفرطة في تعامله مع الآخرين (ولازال يبحث عن مدينة أفلاطون الفاضلة وجاي كلّه الله يهديه..) برغم أنه ليس بحديث عهد بالساحة الشعبية ودار حديث بيني وبينه لم أُوفق تماماً في إقناعه حين قلت عملاً بأن خير الأمور أوسطها، إن صدمتك أو خذلان أحدهم لك لا يعني افتراض سوء الظن بالآخرين والتحفّظ المبالغ فيه حتى لو قال الشاعر جحظة البرمكي:
لاَ تَعدَّنّ للزمانِ صَدِيقاً
وَأَعِدَّ الزمانَ للأَصدِقاء
فكونك يا صديقي غير حذر، وتدعو للمثاليات الفضفاضة في رقيّها على وعي البعض وتعاملهم فإنك من حيث تدري أو لا تدري قد خالفت كل معنى هذه المثاليات في ثقتك - العمياء ومحاولة خلقها - في من لا يستحق يقول الشاعر المعري:
إِذا جاءَ الفَتى ما عَنْهُ يَنْهَى
فَمِن جِهَتَين لا جِهةٍ أساءَ
ثم إن توظيف الحاسة السادسة والفراسة مهم جداً في الحياة، أو الربط الموضوعي المنطقي بين ماضي الطرف الآخر وحاضره (لاستقراء الآتي على الأقل) يقول الشاعر الخوارزمي:
وَإِذا اعْتَرَاكَ الشَكُّ فِي أَمْر امْرِئٍ
وَأَرَدْتَ تَعْرِفَ حُلْوَهُ مِن مُرِّهِ
فَاسْأَلْ فُؤَادَكَ عَنْ ضَمِيرِ فُؤَادِهِ
يُنْبيك سِرُّك كُلَّ ما فِي سِرِّهِ
وبما أن للآخرين تاريخهم الشخصي - في مواقفهم - فإنه لا يغيب عن كل ذي فطنة (إن اللي ماله أول ماله تالي) فالمتلوّن، والنمّام، والكذاب لن يتحول بين يوم وليلة إلى شخص مثالي (والأولين يقولون الطبع عضو وأبو طبيع ما يخلي طبيعة) يقول الشاعر الشعبي الكبير عبدالله لويحان رحمه الله:
شبّيت واليومْ شايب والهدف واحد وأعرف السلوم
ما احِبّ هرج القفا ولا أنقل النَّمَّه ولا أمشي بها
ما أصادق الا الرجال اللي يفكُّون الحسب واللزوم
مَانِيب أصادِق طيورٍ ما تعشِّيها مخاليبها
فلماذا لا نستفيد من تجارب من سبقونا في الحياة وأهدونا كأجيال لاحقة لهم عصارة فكرهم في الشعر والنثر، ألم يقل المثل المعروف (العاقل من اتعظ بغيره) (By Other’s fault wise men learn) إلا إن صديقي - النقي - لا زال يبحر عكس التيار مردداً ما قاله الشاعر الشعبي رميزان التميمي قبل ما يربو على مئة عام أو مثلها أيضاً:
مانيب أصافي خَيِّرٍ ثم أجي له
عقب الْعلُوم الطَّيِباتْ حَرِيْبْ
وهنا أتساءل لمَ لا يجتمعا العقل والقلب في موقفهما لإنصاف كل الأطراف..؟!
وهل خلق العذر للآخرين مروءة دائماً وفي كل الحالات..؟!
وقفة خاصة:
طلّتك لا شمس وقمر في سماها
ولا نجوم الليل يا جوهر الكون
الوصف يقصر دون ناهي مداها
خلّيت عقلي صاحي والقلب مجنون
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com