كانت لفتة جميلة وذكية من منظمي مهرجان سوق عكاظ السادس حين خصصوا الندوة الرئيسية في السوق لقضايا الشباب بمشاركة الشباب أنفسهم، وفي سياق يضم صانعي قرار وقياديين في قطاعات وأجهزة مهمة. فتحْت عنوان «ماذا نريد من الشباب وماذا يريد الشباب منا؟» التقى الشباب مباشرة مع الأمير خالد الفيصل والأمير سلطان بن سلمان والأمير نواف بن فيصل بن فهد والدكتور خالد العنقري والدكتور عبدالعزيز خوجة والدكتور خالد السبتي، وطرحوا ما يجول في خواطرهم ويعتمل في صدورهم بكل صراحة وشفافية، بعد أن سمعوا منهم ماذا يُراد من الشباب.
ذهبتُ لحضور الندوة، ولم أكن أعرف بالتحديد على من تعود الضمائر في «منا» و»نريد»، لكنني افترضت أن المقصود هو ماذا يريد المجتمع من الشباب؟ وماذا يريد الشباب من المجتمع؟ وليس بالضرورة من صُنَّاع القرار فقط، مع أن الشباب جزء من المجتمع بل هم الشريحة الأكبر.
كان الشباب المشاركون في الندوة واضحين ومباشرين بشكل أدهش الحضور. وعندما طلب مدير الندوة الدكتور عبدالعزيز السبيِّل من الشباب التركيز على ما يريدون طرحه مباشرة، وعدم تبديد الوقت المحدود المتبقي من الندوة في تكرير عبارات الشكر التي كفاهم في تقديمها بعض زملائهم الذين سبقوهم، التقط الشاب الجامعي عبدالرحمن علي إدريس القادم من جامعة جازان تنبيه مدير الندوة بفرح ظاهر، وانطلق يتحدث عن الإعلام الجديد الذي يمتطي صهوتَه شبابُ الوطن، ويتحدثون بلغة جديدة يريدون من المجتمع أن ينصت إليها، ويتفاعل معها، ولا يتجاهلها؛ لأن «تجاهل المسؤولين لما يدور في تويتر مؤشر خطر، والمسؤولون بتجاهلهم كأنهم يقولون تحدثوا كما تشاؤون، وسنفعل ما نريد»، حسب تعبيره.
قدّم الشباب مقترحات محددة، تلخص بعض «ما يريدون»، وقد عكست تلك المقترحات وعي الشباب وعميق إدراكهم لقضايا عصرهم الذي يعج بالمتغيرات. كانت كلماتهم المركزة تتمحور حول ضرورة «مشاركة» الشباب في تحديد ملامح المستقبل الذي يخصهم قبل غيرهم، فهم أعرف بأمور زمانهم حتى وإن احتاجوا لحكمة الشيوخ وتجاربهم. وقد جاء اقتراح أحدهم بإنشاء مجالس شبابية ليكرس مفهوم «المشاركة» وإتاحة الفرصة للشباب؛ لكي يسهموا في وضع التصورات والرؤى التي تثري عملية صنع القرار، وخصوصاً في الشأن الشبابي، فكان من الثمار المبكرة لهذه الندوة ما أعلنه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة عن البدء في تشكيل مجالس شبابية في محافظات المنطقة؛ لتعمل بالتعاون مع المجالس البلدية.
لقد نجحت اللجنة المنظمة والمشرفة على سوق عكاظ 6 في التخطيط لهذه الندوة المهمة، ويبقى بعد ذلك الأمل في أن تشهد الندوة الشبابية القادمة تمثيلاً نسائياً مناسباً؛ فقد غابت المرأة إلا من بعض المداخلات التي ناضل الدكتور عبدالعزيز السبيل في استدراجها؛ لتعلق على ما أدلى به المنتدون.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض