لو علم القس الأمريكي تيري جونز بأن أعماله العدائية مثل دعوته لحرق القرآن وسخريته من الإسلام ودعمه مؤخرًا لإنتاج فيلم يسيء للرسول الكريم سوف ينتج عنها حادث مؤسف كمقتل سفير بلاده في ليبيا، لما قصر رسالته في الحياة على استفزاز المسلمين، ولاقلع عن تحريضه ضد القرآن والنَّبيّ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم!
حاول إحراق القرآن قبل سنتين وناشدته الحكومة الأمريكيَّة ابتداءً بالرئيس أوباما إلى وزيرة خارجيته وغيرهم من المسؤولين، ولكنَّه عاد محرضًا وداعمًا لفيلم مسيء لتدفع حكومة أمريكا ثمن تهور جونز الذي يجد نفسه وحيدًا بعد أن نددت بأفعاله الكثير من الكنائس ومن ضمنها الكنيسة القبطية في أمريكا!
جونز استمرأ معاداة المسلمين دون سبب ربَّما بحثًا عن دور أو طلبًا لشهرة! وإني استغرب كيف له أن يتعمَّد إيذاء المسلمين بالإساءة لكتابهم ونبيهم الكريم، ثمَّ يعتقد بأن أفعاله ستمر دون ردود أفعال قد لا يتم السيطرة عليها، كما حصل في القاهرة وبنغازي وصنعاء وغيرها!
والآن ما نتيجة أفعال جونز الذي بحسب نظري لا يستحقُّ أن يطلق عليه رجل دين فرجال الدين الحقيقيون يحترمون الأديان والأنبياء! النتيجة خسرت أمريكا سفيرها، وزاد الغضب منها رغم ألا علاقة للحكومة الأمريكيَّة بالفيلم، فالحكومات أوعى من أن تؤيِّد فيلمًا يحرِّض على الكراهية، وها هي الحكومة البريطانية ترفض عرضه على أرضها! المتطرفون في كلِّ دين يشعلون الحرائق، ثمَّ يتفرَّجون عليها! هذا ما فعله جونز في المرة الأولى وفي هذه المرة! المخرج يختبئ، وبعض الممثلين يقولون: إنه قد غرِّر بهم وخدعوا، وجونز مازال يمارس تحديه ويرفض دعوة رئيس الأركان الأمريكي بسحب تأييده للفيلم، بالرغم من أنه شاهد بنفسه آثار الجريمة التي ارتكبها بحق بلاده، فأعماله وتصرَّفاته التي تزيد من نار الكراهية تسببت بقتل السفير وجرِّ بلاده إلى كراهية الشعوب لها، وهذه خسارة فادحة على المستوى السياسي لم يكن لها ما يبررها!
جونز يريد أن يثير غضب المسلمين من أمريكا والعكس فما الذي يهدف إليه ومن الذي يدعمه في ذلك؟! لكن على المسلمين من مواطنين ومقيمين في أمريكا أن يعوا ما يهدف إليه جونز وأن يحافظوا على ما منحتهم إياه القوانين الأمريكيَّة من حريات لممارسة شعائرهم الدينيَّة لا يحصل عليها المسلمون في كثير من البلدان الغربيَّة، فأمريكا والحق يقال تُعدُّ من أفضل الدول تسامحًا مع المسلمين المقيمين على أرضها وصونًا لحقوقهم فهي لم تضيق عليهم كما فعلت بلد (الحريات) فرنسا! لكن المتطرفين من الطرفين سيظلون يشعلون الحرائق والنتيجة لن تكون أبدًا في صالح الشعوب والأقلِّيات!
لقد قتل السفير الأمريكي بطريقة تتنافى مع قيم الإسلام أدانتها المملكة كما أدانت الفيلم المسيء لرسول الهدى، شاهدنا مظاهرات غوغائية راح ضحيتها مسلمون محتجون لم يكن هناك أيِّ داع لإزهاق أرواحهم! لكن الغوغائيون يعتقدون أنهم بما يقومون به من أعمال انفعالية تصل إلى الهمجية ينتصرون للرسول الكريم، ولكنهم في الحقِّيقة أساؤوا له ولهديه صلَّى الله عليه وسلَّم، فما فعلوه من قتل واعتداء لا يمكن أن تكون من تعاليم الإسلام وقيمه، وهي مادة سيستغلها المتطرفون مثل جونز وغيره للإساءة للإسلام والمسلمين!
إن اتباع الطرق القانونية برفع القضايا على منتجي الفيلم هي السبيل المناسب للرد على المسيئين، مع أن الرَّسُول صلَّى الله عليه وسلَّم أكبر من أن يسيء له قس مريض أو مجموعة قليلة من الأقباط ملأ الحقد قلوبهم على بلدهم مصر وعلى الإسلام! وإن استخدام نفس الأسلوب في الرد على منتجي الفيلم أي بإنتاج فيلم سينمائي عن هدي الرَّسُول صلَّى الله عليه وسلَّم يصل لِكُلِّ النَّاس تدعمه المنظمات الإسلاميَّة، هو الرد الأقوى ثأثيرًا على ادعاءات مثيري الفتن بين اتباع الديانات، فغياب صوت وفعل تلك المنظمات الإسلاميَّة حتَّى بعيد إنتاج الفيلم أحدث فراغًا ملأه الغوغائيون والمخربون ومن يخلطون الدين بآثام السياسة!
لكن السؤال المهم: ألا من سبيل للحكومة الأمريكيَّة التي أدانت الفيلم لكن قوانينها لا تجرم ما يقوم به جونز بالرغم من أنه يثير ويبث الكراهية (المتبادلة) داخل أمريكا وخارجها، أقول ألا سبيل لسنِّ قانون يمنع السُّخْريَّة من أي دين وأي نبي ويجرِّم من يفعل ذلك، كما سنت بعض الدول الغربيَّة قانونًا يدين ويجرِّم كل من يشكك بالمحرقة اليهودية!
alhoshanei@hotmail.com