المملكة العربية السعودية تعيش عصراً ذهبياً ولا كل العصور، يحق لنا باعتبارنا مواطنين سعوديين أباً عن جد أن نفتخر ونفاخر بوطننا وقيادته، بوطننا الذي عشنا فوق ترابه وأكلنا وشربنا من خيراته وتفيأنا ظلال أمنه الوارف، وقيادته الشريفة والأمينة التي ترعى شؤونه وتسعى جاهدة للقفز به إلى مصاف الدول المتقدمة مع المحافظة على (الثوابت) و(العادات) و(التقاليد الإسلامية) التي هي بمجملها من (خصائص) بلادنا الطيبة وهي من أهم ما تتميز به عن غيرها منذ تأسيسها على يد المؤسس - طيب الله ثراه - حتى هذا العهد الزاهر، عهد الملك الصالح، الملك العادل، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، متعه الله بالصحة، فكل قطاعات الدولة الخدمية تحظى بدعم كبير من القيادة، ولاسيما القطاع الصحي باعتباره يهم صحة المواطن ومن على تراب هذه الأرض الخيرة، وما دام الضمير - كما يقول أهل اللغة - يعود إلى أقرب مذكور، فإني أستسمح القارئ الكريم بأن لا أبرح هذا المقال، إلا بالتعريج على الخدمات الصحية في بلادي من باب الشفقة والتركيز على مستواها الذي بات حديث المشفقين، نتيجة التدني المخيف فيما تقدمه من خدمات دون الخضوع للبحث عن الأسباب، خدمات مستواها ينذر بالخطر. ما دعاني لكتابة هذا المقال، ما تناقلته الصحف لدينا هذه الأيام من أخبار الثلاثة الذين أعفوا أنفسهم طواعية من مناصبهم كمديرين لمستشفيات حكومية في إحدى مناطق المملكة، احتجاجاً على تردي الأوضاع الصحية في منطقتهم وعدم الاستجابة لمتطلبات مرافقهم الصحية، هذه الأخبار (إن صحت) فلا أقل أن يقال إن مسار القطاع الصحي لدينا يسير عكس التيار، تيار دعم الدولة - الخرافي - لقطاع الصحة، النابع من حرصها - أي الدولة - على الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية للمواطن، المليارات التي تطالعنا فيها الصحف من خلال توقيع عقود ما يسمى بالصروح الطبية، وهي التي ما برحت حبيسة التصاريح أو متعطلة التنفيذ، يصدق عليها القول (مع وقف التنفيذ) ماذا عسانا أن نقول عنها؟ ونحن لم نزل نسمع كل حين (جعجعة ولا نرى طحنا) بالطبع (إن صحت) أخبار (الثلاثة) الذين استقالوا ولم يقالوا، فإنني أقدم لهم (ألف تحية وتحية) و(كثر الله من أمثالهم) لأنهم بأسلوبهم الحضاري هذا يقدمون خدمة ذهبية للوطن وقيادته التي لا يسرها التقاعس في العمل فما بالك إذا كان متعلقاً بصحة الإنسان والضرر متعدياً للغير. نحن إزاء هذا الخبر (إصح) أمام صحوة المسؤول المباشر، وبداية عهد جديد لنشر ثقافة التنحي الطوعي، نتمنى أن تنسحب هذه الثقافة، لتعم جميع مسؤولي الدولة في كافة القطاعات، ولاسيما الضرورية منها والمباشرة، كالصحة مثلاً، سواء كانوا وزراء أو وكلاء أو مديري عموم أو من في حكمهم، متى ما رأوا أن ليس في وسعهم تحقيق تطلعات القيادة والوطن والمواطنين تحت (أي ظرف) كما حدث لهؤلاء الثلاثة الذين أقالوا أنفسهم.. منذ عرفنا الحياة ونحن في (حيص بيص) مع مستشفياتنا ومراكزنا الصحية وللأسف، مثال بسيط جداً، لماذا لا تلزم المستشفيات الخاصة بالذات بإحالة وإيصال الحالات الطارئة لأقرب مستشفى حكومي متخصص؟ بحكم معرفتهم بذلك، وعدم ترك ذوي المريض (المساكين) يتخبطون ولا يدرون أين يتجهون بمريضهم، ناهيك عن من يريد سريراً فهذه قضية أخرى شائكة تخضع (للتوسل أو التسول أحياناً).. الخدمات الصحية لدينا أقولها (ورزقي على الله) تحتاج إلى إعادة بلورة وفلترة من الألف إلى الياء، وقد تحتاج إلى بناء إستراتيجية جديدة وبنّاءة، تعيد للصحة وهجها وعافيتها (الأمن والغذاء والصحة) من الأولويات في المجتمعات، فغذاؤنا ولله الحمد، وكذا أمننا (عشرة على عشرة) كما يقول إخواننا المصريون، لم يتبق إلا الثالث (الصحة) ماذا نقول عنها؟ هل نضحك على أرواحنا؟ أم نصدق القول، فالصديق يا وزارة الصحة من (صدقك لا من صدّقك) هذه زكاة الأمانة، يجب أن تؤدى مهما كانت قاسية، ولن تضير إخواننا في وزارة الصحة الأعزاء، طالما أن الهدف سليم، ودولتنا أعزها الله ربتنا على الصدق والصراحة والبعد عن الكذب والتحايل والتمايل والغش، وقبلها ديننا الحنيف، ولنا في قيادتنا الرشيدة أسوة حسنة، عندما تتخذ خلق الأمانة شعاراً لها وتدعو لمساءلة المسؤول المتقاعس كائناً من كان، هي دعوة صادقة وصريحة لكل مسؤول مهما علت وظيفته في أي قطاع خدمي كان، متى ما وجد في نفسه عدم المقدرة بالوفاء بمهام وظيفته على الوجه الذي يرضي الله ثم يرضي ضميره. تحية تقدير وإجلال مرة ومرات، لكل من يقدم مصلحة وطنه على مصلحته الشخصية.. ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com