تزخر بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية بالكثير من المبدعين والمتألقين من أبنائها في مختلف المجالات والتخصصات، ويعلوا صوتهم وتظهر بصماتهم واضحة ويفرضون وجودهم بإبداعاتهم وتألقهم وتميزهم وليس بأسمائهم، ولكن...!!
لا تلبث هذه الطاقات وهذه الإبداعات أن تتلاشى شيئاً فشيئاً حتى تنتهي ويحل محلها أشخاص لا يعرفون أي معنى للإبداع ولا للتألق والتميز.
وهذا مع الأسف الشديد موجود وملاحظ ومشاهد.. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هؤلاء المبدعون والمتألقون دائماً محاربين أينما وجدوا. ولا يجدون اليد التي تأخذهم وترعاهم وتشجعهم وتنمي إبداعاتهم وتفتح المجالات أمامهم لتتوسع عطاءاتهم وإبداعاتهم ويكون من يتولى المسؤوليات والمهام هم المبدعون والمتألقون والذين أثبتوا أنفسهم بعملهم وجهدهم وتميزهم بعد توفيق الله لهم وليس بعلاقاتهم أو أسمائهم. نتمنى أن يشعر المجتمع ويلمس أثر وجود هؤلاء المبدعين حينما يكونون في المكان المناسب لهم. كم نحن بحاجة إلى أن يسند الأمر إلى أهله.
لا شك أن الحسد من أهم الأسباب لمحاربة هؤلاء المبدعين والمتألقين، ولو عمل الناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) لما ذهبت هذه الشخصيات المبدعة والمتألقة وخسرها المجتمع.
ولن يختلف الناس على أي شخص أثبت نفسه بعمله وجهده وإبداعه وتميزه أن يتولى مهمة أو منصب مهما كانت هذه المهمة أو هذا المنصب. المهم أن يعمل الشخص ويبدع في أي مكان وضع فيه والمبدع مبدع في أي عمل يوكل إليه ستجد له بصمة واضحة تدل على إبداعه وتميزه.
أتمنى أن نجد دائماً المبدعين والمتألقين هم من يتولون المهام والمسؤوليات خصوصاً التي تخدم الوطن والمواطن بشكل مباشر لتظهر بصماتهم واضحة جلية ويكون المجتمع خير داعم وخير معين لهم بعد توفيق الله تعالى. والحق أحق أن يتبع.
والأمثلة على ذلك كثيرة:
1 - في مجال الدعوة إلى الله تعالى: أساليب الدعوة تطورت وتنوعت والناس قد تغيروا وأسلوب حياتهم تغير فنحن بحاجة إلى إبداع وتجديد في أسلوب الدعوة وطريقة عرضها بكل ما هو جديد وبأسلوب جذاب ومشوق، وبطرق متنوعة وجديدة.
2 - في مجال الصحافة: تجد في مجتمعنا وفي جميع مناطق المملكة الكثير من المبدعين والمتألقين من الصحفيين الذين لهم باع طويل في المجال الصحفي ومع ذلك لم يجدوا من يجمعهم ويستفيد من تجاربهم وأفكارهم وتوجهاتهم لكي يستفيد منها الشباب. وإني أقترح على الأندية الأدبية في مناطق المملكة تبني مثل هذه الفكرة وإدراجها ضمن برامجهم وفعالياتهم.
3 - في مجال العمل الإداري: كم نحن بحاجة إلى الإداري الناجح والمتميز والمبدع، وليس الإداري الذي يعمل من أجل الكرسي، فهذا لا تنتظر منه أي إبداع.
4 - في مجال العمل الميداني: يمكن أن نختصر الكثير من الوقت والجهد من خلال الإبداع بالتخطيط والتفكير السليم قبل البدء بالعمل.
5 - في مجال العمل الخيري: يمكن أن نستفيد من التقنية الحديثة في سبيل تطوير العمل الخيري وتنظيمه وتنسيقه وتحديد أهدافه دون أن يحصل تعارض فيما بينها وبالتالي تكمل الفائدة وتتوسع دائرة العمل الخيري بهذا التنظيم والترتيب. فالعمل الخيري أعتقد أنه يحتاج إلى الكثير والكثير من الترتيب والتنظيم وإعادة الهيكلة من جديد.
6 - في مجال العمل الاجتماعي: ومن خلال تجربتي البسيطة لاحظت أن العمل الاجتماعي قائم على جهود شخصية وإبداع أشخاص معينين دون دعم أو متابعة أو تنظيم على مستوى عال. فمن يعمل في هذا المجال فيشعر أنه مقيد بأنظمة وروتين للمعاملات يأخذ وقتاً طويلاً فتذهب الحاجة لموضوع ما ويزول وقتها وفائدتها دون أن يأتي ردا ولم نستفد من التقنية في هذا المجال من أجل سرعة الإنجاز، وتحقيق النتائج المرجوة.
وما ذكرته من مجالات هذا على سبيل المثال والمجالات كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ولكن أحببت أن أنبه وأشارك بوجهة نظري هذه التي أسأل الله تعالى أن تكون وجهة نظر صائبة وموفقة.
أسأل الله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويوفقنا لاتباعه ويرينا الباطل باطلا ويوفقنا لاجتنابه، وأن لا يجعله ملتبساً علينا فنضل.