القاهرة، طرابلس، صنعاء، وعدد كبير من المدن العربية انتفضت إثر نشر خبر إنتاج فيلم يسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ففي ليبيا، قتل دفع السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز حياته و3 دبلوماسيين ثمناً لغضب مسلمي ليبيا، وفي مصر دارت معارك أمام السفارة الأمريكية، وتم نهب السفارة الأمريكية في صنعاء، وفي المغرب صلى المغاربة أمام السفارة اعتراضاً ورفضًا للفيلم المسيء للرسول الكريم.
على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية -بتصريحات الكبار فيها-، رفضت ما قام به تاجر عقارات، عمل بالإخراج، وأخرج فيلماً مدبلجاً، يسيء فيه للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الاسم التجاري للفيلم المثير للجدل والموت أيضًا، «براءة المسلمين». إلا أنها كانت أكثر من دفع الثمن.
ماذا عن الفيلم المسيء؟، سؤال ثار معه ملايين البشر في العالم من المسلمين والمسيحيين، وهو عبارة عن مقطع 14 دقيقة انتشر على اليوتيوب، ويصور الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بصورة مسيئة لشخصه الكريم، وللإسلام وللقرآن الكريم أيضًا، وهو فيلم مدبلج باللهجة المصرية، والممثلون فيه أمريكان.
فجَّر الفيلم قضية الصراع المزعومة بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي خصوصًا، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن من وراء الفيلم، إذ عبَّر الأقباط عن رفضهم لمثل هذه الإساءات التي تهين نبيّاً من أنبياء الله، ونظم الأقباط في القاهرة عددًا من المسيرات الاحتجاجية في شوارع القاهرة، وكان حرق العلم الأمريكي إحدى درجات التعبير عن الغضب تجاه الفيلم المسيء، وهذا ما حدث في جمعة الغضب بميدان التحرير بقلب القاهرة، في مليونية «لا للإساءة للرسول»، أمس، شارك فيها المسلمون والمسيحيون معًا.
من ناحية الولايات المتحدة الأمريكية التي عرض الفيلم على أراضيها، وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الفيلم المسيء للنبي محمد، وأشعل احتجاجات عنيفة في ليبيا ومصر واليمن «بالمقزّز»، نافية وجود أية علاقة للحكومة الأمريكية به، لكنها أكدت أنه ليس مبررًا للعنف ضد المسؤولين الدبلوماسيين في هذه البلدان، مؤكدة عدم القبول بردة الفعل العنيفة على الفيديو، وقالت «نعتقد أنه لا مكان للعنف في الدين الإسلام، كما الديانات الأخرى».
مخرج نكرة
المفاجأة التي فجرها بيان الممثلين الذين ظهروا في الفيلم عن سام باسيل، الإسرائيلي اليهودي الذي عرف بأنه هو منتج وكاتب ومخرج الفيلم المسيء للرسول، فقد اتضح أن حقيقته مجهولة حتى على 80 ممثلاً وعاملاً في الفيلم، ممن أصدروا بياناً قالوا فيه إنه خدعهم وضللهم، ودبلج العبارات بعد انتهاء التصوير، فتغيرت معها القصة وطبيعة الشخصيات من حيث لا يدرون، حتى المسيحي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية موريس صادق، الذي أسقطت عنه الجنسية المصرية مؤخرًا، وهو من قام بترويج الفيلم على موقع الـ»يوتيوب»، لا يعرف عن باسيل أي شيء، كما جاء في البيان.
وعن شخصية سام باسيلي، المخرج والمنتج المزعوم للفيلم، كشفت التحقيقات في الولايات المتحدة الأمريكية أن صاحب الاسم سبق سجنه فى قضية نصب وأنه يتخذ من هذا الاسم المستعار ستارًا، فى حين أن اسمه الحقيقى «نيكولا»، وتدور الشبهات حول موريس صادق من أنه هو من قام بإخراج الفيلم الباهت تقنياً وأخلاقيًا.
التفاعل الواقعي لم يقل عن التفاعل الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك، وتويتر» إذ سادت حالة من الغضب الشديد بسبب قيام بعض أقباط المهجر بإنتاج الفيلم كما تم الترويج لذلك، وعبر مستخدمو الصفحات بصور وتعليقات شديدة الاستهجان، منها «إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»، كما طالب ناشطو «الفيس بوك « الكنيسة بموقف واضح من ذلك الفيلم المسيء، وعدم الاكتفاء بالإنكار والاستنكار، وإعلان موقف حاسم بإيقاف تلك الممارسات.
وأغلقت الإدارة العامة لـ«فيس بوك»، الحساب الشخصي الخاص بموريس صادق، المتورط فى الترويج لفيلم الأمريكي الذي يسيء للرسول محمد «صلى الله عليه وسلم»، وكان لرسائل عدم الإعجاب والبلاغات التي أرسلها آلاف الغاضبين من الزوار الأقباط والمسلمين التأثير الأكبر في غلق الحساب الذي كان يستخدمه صادق باستمرار لبث سمومه الطائفية وإشعال الفتن.
وقد أصدرت العديد من الجهات الإسلامية بيانات شجب وإدانة، منها بيان المجلس الأعلى للأئمة والشئون الإسلامية في البرازيل، الذي جاء فيه: «إن الواجب على الحكومات الغربية والأمم المتحدة أن تصدر قانونًا يجرم التعرض للمقدسات، والانتقاص من شأن الأنبياء والمرسلين، حتى لا يفتح الباب باسم حرية الرأي لفئات حاقدة على السلام لتستهين بمشاعر مليار ونصف المليار مسلم في كل أنحاء العالم، وندعو المرجعيات الدينية في العالم للضغط على الحكومات المختلفة حتى يتم إقرار هذا القانون».
وأضاف البيان: «إن مشاعر الغضب التي أصابت المسلمين في شتى بقاع الأرض أمر طبيعي ومحمود، ودلالة على مكانة ومحبة المسلمين لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكننا يجب أن نضبط هذا الغضب بأعمال ترضي ربنا وتتوافق مع شريعتنا الإسلامية، ومن هذا الباب فإننا نستنكر أي أعمال للقتل أو الاعتداء على السفارات والمنشئات العامة أو الخاصة تحت دعوى الغضب.
مفاجأة من العيار الثقيل
انتشرت اتهامات تدور حول أن بطل الفيلم هو مصعب ابن حسن يوسف، الذي يعتبر من أبرز قيادات حركة حماس الفلسطينية، وتبيّن أن مصعب حسن يوسف هو عميل للموساد الإسرائيلي، وتسبب في اغتيال واعتقال قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية، وارتد عن الإسلام، وترك يهاجر لأمريكا.
السعودية تستنكر إنتاج فيلم مسيء إلى الرسول
أدان مصدر مسؤول، ردود الفعل العنيفة التي وقعت في عدد من الدول ضد المصالح الأمريكية، وأعربت المملكة في تصريح لمصدر مسؤول، عن عزائها ومواساتها للولايات المتحدة الأمريكية في ضحايا أعمال العنف في ليبيا التي استهدفت القنصلية الأمريكية في بنغازي. واستنكرت المملكة قيام مجموعة غير مسؤولة في الولايات المتحدة الأمريكية بإنتاج فيلم مسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم مؤكدة نبذها لجميع الأعمال التي تسيء إلى الديانات ورموزها.. وقد حجبت المملكة العربية السعودية الرابط الموجود على الـ«يوتيوب» للفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم.
aboelseba2@yahoo.com