فاصلة:
((جمرة واحدة تشعل كلّ الفحمات))
- حكمة ألمانية -
الطالبات وهنّ ذاهبات إلى مدارسهن في الصباح، بزيٍّ ألوانه جميلة تشبه الربيع في الصيف وتناسب برد الشتاء وبدون حقائب ضخمة على ظهورهنّ، تبرز أهمية اللمسات البسيطة في حياة الإنسان، والتي تنعكس حتى على مزاجه ودافعيته لأيِّ نشاط.
هذا المنظر أراه يومياً في مانشستر، يمر الطلاب والطالبات بزيٍّ خاص لكلِّ مدرسة متوفّر في محال متعدّدة في السوق وللأطفال يمكن شراؤه بسعر رمزي من المدرسة، وأتساءل عن الطالبات في مدارسنا بزيِّهم الداكن صيفاً وشتاءً وحقائبهم الثقيلة خلف الظهور الناعمة.
لكنني سعدت بقراءة خبر اعتماد نائب وزير التربية والتعليم لشؤون تعليم البنات الأستاذة نورة الفايز، الزي المدرسي الجديد للطالبات في جميع المدارس الحكومية في المراحل الثلاث بألوان جميلة زاهية وليست داكنة وتصاميم مناسبة.
الوزارة أجرت دراسة استطلاعية على جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، والتوصيات طالبت بتغيير الزي المدرسي، وهذا جيد، غير أني أتمنى في المرة القادمة أن تستطلــع الوزارة آراء الطالبات أنفسهن، كما فعلت وزارة التعليم في الأردن.
تغيير الزيّ يمكن أن يعتبره البعض إجراءً هامشياً، لكنني أنظر إليه وفق رؤية شاملة لتعليم البنات تبدأ بالزيّ مروراً بالسلوكيات التي كرّستها مرحلة الصحوة من ترهيب وتخويف الطالبات بالحرام والنار، وهن صغار ومعاقبتهن لأسباب يغلّفها البعض بالدين والدين براء منها، وانتهاءً بمناهج دراسية تحتاج إلى تنقية من شوائب الغلو في الدين.
إذا كانت رؤية وزارة التربية والتعليم البعيدة أن تنفض الغبار عن تقليدية أسّستها الرئاسة العامة لتعليم البنات، فهي رؤية سوف تمنح الجيل القادم أفقاً أوسع في المعرفة، بعد أن رُبِّى جيلٌ كاملٌ مغيّب العقل مقدّس للأشخاص لا يبحث عن المعلومة قدر بحثه عن سلوكيات قائلها.
مرحلة وانتهينا منها، والآن هناك تطلُّعات لأن يكون التعليم منزّهاً عن الوصاية وهو هدف عظيم لكنه يستحق العمل لأجله.
nahedsb@hotmail.com