ما زالت اتفاقية حقوق الطفل غير مفهومة لدى كثير من المختصين في المجال الشرعي والأمني والأسري كذلك! لأن الاعتراف بما تضمنته تلك الاتفاقية ما زال محلّ جدل بين الكثير منهم، خاصة فيما يتعلق بعمر الطفل الذي تم الاتفاق عليه دولياً! فاتفاقية الطفل هي معاهدة دولية تعترف بالحقوق الإنسانية للأطفال، وتعرِّف الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة. وتُلزم الاتفاقية جميع الدول الأطراف فيها بأن تكفل لجميع الأطفال دون تمييز الحصول على حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والاستفادة من جميع الإمكانات المتاحة في تلك الدول؛ لكي تتوسع مداركهم ومهاراتهم، وتمكينهم من المشاركة الفعَّالة في إمكان حقوقهم. وهذا كلام رائع بحق الطفولة، خاصة أننا نعلم أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ في جميع دول العالم، كما أنها تشير إلى حقوق الطفل بوصفها حقوقاً إنسانية أساسية متأصلة بالكرامة الإنسانية، وهذا مما يخلق التزامات ومسؤوليات يجب على الدول الالتزام بها، ليس من باب الرحمة والصدقة بقدر ما هو التزام دولي وإنساني بالدرجة الأولى! لكن المجهول هو أن الاتفاقية حددت بتعريفها للطفل “أنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد”! وفي بعض الحالات ارتباطه بسن الالتحاق بعمل أو سن الانتهاء من التعليم الأساسي! وحسب تقارير اليونيسيف كمنظمة تابعة للأمم المتحدة، وتهتم برعاية الأطفال المحرومين وتوفير الإمكانات المناسبة كافة لإسعادهم وحمايتهم من الأمراض والجوع والحروب، وقيامها بحملات التثقيف لترسيخ حقوق الطفل الاجتماعية والاقتصادية، مع مشاركة الدول لها بالدعم المالي بنسبة لا تقل عن (20 %)! إلى جانب أن السعودية تدعمها بدعم مالي لا يُستهان به! إلا أنني أتساءل: أين هذه الأدوار العظيمة في حماية الأطفال من العنف الأسري المتزايد في بعض الدول الموقعة على الاتفاقية؟ أين العقوبات التي لا بد أن تطبقها الاتفاقية مع الدول التي تهمل حماية أطفالها من الأسر الفقيرة من التسلل للدول المجاورة وممارسة مهنة التسول بكل خوف في الأوقات الحرجة بثيابهم الرثّة وأشكالهم الهزيلة، وهناك طفل آخر في البيت المجاور أو المدرسة المقاربة للشارع الذي يتسول عند زواياه، يعيش حياة هادئة ومطمئنة؟ أين هذه الاتفاقية ببنودها العظيمة من الضغط على الحكومات المهملة ومحاسبتها لعدم التزامها بتلك البنود في توفير الحياة المستقرة لأطفال الحروب المشردين مع أسرهم، اذين أُزهقت أرواحهم بدون ذنب؟! أين هذه الاتفاقية من المبادئ الأخلاقية التي لا بد من الالتزام بها عند إعداد التقارير الإعلامية عن بعض حالات الأطفال المتعرضين للأذى الجسدي والتهور في عرض خصوصياتهم الجسدية والأسرية تحت اسم “السبق الصحفي”؟! أين هذه الاتفاقية ببنودها التي تؤكد أهمية الحفاظ على كرامة جميع الأطفال في جميع الظروف، وكثير منهم يتعرض لإنكار النسب، أو الإهمال في استخراج الأوراق الثبوتية له، التي تحمي نسبه واسمه ومرجعيته الأسرية أو القبلية؟! وإن كانت لجنة حقوق الطفل - وهي هيئة منتخبة من خبراء مستقلين معنيين بمتابعة رصد تنفيذ الاتفاقية، وتتخذ من جنيف مقراً لها - تلزم الحكومات بتقديم تقارير منتظمة عن أوضاع أطفالها؛ فأعتقد أنها لم تدرك أن أطفال بعض المجتمعات العربية والقبلية يعانون حقيقة الاعتراف بهم أطفالاً بعد الاتفاقية، أو أنهم كرجال مكلفين بأعمال متعددة! إلى جانب لهجة السخرية التي تقابلهم من العامة بأنهم بلغوا سن الرشد، لكنهم ما زالوا أطفالاً! وهذا مما يؤكد أن الحملات التثقيفية تحبو في التوعية ببنود الاتفاقية على مختلف المستويات، وفي أكثر الدول التي يحتاج أطفالها لوقفة دولية جادة!
moudy_z@hotmail.com - moudyahrani@ تويترhttp://www.facebook.com/groups/381099648591625/- @moudyzahrani