في خضم انشغال العالم، والوطن العربي بالذات، سرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات التضييق والاستبداد وإفقار الشعب الفلسطيني ومواصلة الاستيلاء على الأراضي وتكثيف إنشاء المستعمرات الإسرائيلية التي قضت على حلم الدولة الفلسطينية بعد تقطيع الأرض الفلسطينية وزرع هذه المستعمرات لإلغاء أي تواصل بين الفلسطينيين، وتفننت قوات الاحتلال الإسرائيلي في التضييق على الفلسطينيين، فبالإضافة إلى الحصار الظالم على قطاع غزة وعزله عن محيطه الفلسطيني وعن العالم الخارجي أصبح الفلسطينيون في قطاع غزة في سجن كبير يجدون صعوبة كبيرة في تأمين حياتهم وأصبحوا يعيشون على الكفاف.
وفي الضفة الغربية التي كان الوضع المعيشي أفضل حالاً نسبياً كثف الإسرائيليون في مضايقاتهم ومحاصرة السلطة الوطنية الفلسطينية لتخريب جهودها في وضع أسس الدولة الفلسطينية المرتقبة، وبدلاً من أن تقوم إسرائيل بوصفها دولة احتلال مسؤولة دولياً وقانونياً عن حياة وتسهيل سبل الحياة الكريمة للخاضعين للاحتلال بدلاً من ذلك لم تقدم أية وسيلة لتخريب جهود السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها لتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني، فمنعت إيرادات السلطة الوطنية الفلسطينية التي تحصلها قوات الاحتلال من المواطنين الفلسطينيين كضرائب وجمارك وغيرها من الإيرادات التي تتجاوز الـ700 مليون دولار إضافة إلى ذلك صعدت من إجراءات التضييق على المواطنين الفلسطينيين حيث قللت الكميات المرسلة إلى الضفة الغربية من شحنات الوقود، من ديزل و(كاز) وبانزين مما أوقف العديد من مولدات الكهرباء والمصانع الفلسطينية الصغيرة التي كانت تؤمن العمل والعيش البسيط لكثير من الفلسطينيين كما أدى الانقطاع المتكرر للكهرباء إلى التكدير على الفلسطينيين عموماً وتوقفت الأعمال اليومية للمنشآت التي تعتمد على الطاقة والكهرباء في تسيير أعمالها فارتفعت كلفة النقل مما رفع أسعار المواد المعيشية والغذائية ومع تقلص الإيرادات وانعدام الأجور تدنت الأوضاع المعيشية للمواطن الفلسطيني وأصبح الجميع في حالة ضنك وتساوى الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه الفلسطيني في الضفة الغربية إن لم يكن أسوأ مما يعيشه الفلسطيني الآخر في قطاع غزة وهذا ما دفع المواطنين في الضفة الغربية إلى القيام بتظاهرات واعتصامات للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية.
تزايد وتكرر التظاهرات والاعتصامات الفئوية دفع حكومة السلطة الفلسطينية إلى القيام ببعض الإجراءات لتحسين الوضع إلا أنها حتماً لن تؤدي إلى إصلاحها لأن إمكانيات الحكومة الفلسطينية إمكانيات محدودة مع مؤشرات سلبية سواء بالنسبة للأوضاع الاقتصادية الدولية حيث تواصل المواد الغذائية ارتفاع أسعارها، ومعاناة الجهات المانحة التي كانت تقدم المساعدات المالية والاقتصادية للحكومة الفلسطينية والتي قلصت تلك المساعدات إن لم تلغها تماماً.
أمام هذا الوضع المحرج اتخذت الحكومة إجراءات منها تقليل رواتب الوظائف العليا بما فيهم الوزراء ومن في حكمهم، والطلب من الجهات المانحة تقديم مساعدات عاجلة ومطالبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسديد ما عليها من إيرادات حصلت عليها من الضرائب المفروضة على الفلسطينيين.
هذه الإجراءات التي تأمل حكومة سليم فياض بأن تساعدها على تخفيف معاناة الفلسطينيين تتطلب دعماً سريعاً من الجهات المانحة وبالذات الدول العربية الشقيقة التي عليها أن تقدم العون قبل أن يفقد الشعب الفلسطيني الأمل ويدفعه اليأس إلى القيام بأكثر من التظاهرات والاعتصامات.
jaser@al-jazirah.com.sa