إعداد - ناصر البراك:

أسهم نمو عدد السكان غير السعوديين في رفع مؤشر أسعار الإيجارات السكنية بالمملكة إلى 47 %، وبالنظر إلى القفزة الكبيرة في أسعار الإيجارات فقد جاءت في وقت قصير جداً، استناداً إلى الأرقام والإحصائيات المتعلقة بأعداد السكان وتنامي الطلب على المساكن، ويأتي جرس برنامج نطاقات ليقرع محذراً المستثمرين من التوسع في الاستثمار العقاري الذي يُساهم غير السعوديين في استئجارها عطفاً على تزايد أعدادهم مقابل نمو نسبي للمواطنين.

ومثَّلت قضية تأمين السكن همّاً يُؤرق كاهل المواطن والحكومة على حداً سواء.. المتتبع للشأن العقاري يصيبه الكثير من التشتت عن الأسباب التي أدت وبشكل كبير إلى ارتفاع أسعار العقار بشكل عام وأسعار الإيجارات بشكل خاص وإن كانت أغلبية الدراسات والبحوث تضع عامل النمو السكاني أنه العامل الرئيس لارتفاع أسعار العقار والإيجارات.. حقيقة الأسباب كثيرة لكن أن نعلقها على أمر متعارف عليه منذ عقود طويلة على أنه السبب الرئيس ونتجاهل في نفس الوقت بأن القفزة الكبيرة في الأسعار جاءت في وقت قصير جداً فهذا أمر قد لا يكون منطقياً لوحده.. لن نضمن لهم نحن نمواً مستداماً فبالتالي لن يضمنوا هم لنا البقاء، عندما ترتفع أسعار الإيجارات 47% خلال ثلاث سنوات يجب أن نفكر وعندما يرتفع أعداد المقيمين خلال نفس الفترة 35% يجب أن نعيد ترتيب الأوراق.. لا أخفيك السر عزيزي القارئ أني تفاجأت بما توصلت له في هذا التقرير من نتائج، فبالنظر إلى الرسوم البيانية المرفقة أحدهما خاص بمعدل نمو السعوديين في منطقة الرياض مقارنة بنمو غير السعوديين خلال الفترة ما بين عام 2007 إلى عام 2010 بحسب البيانات الرسمية الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة وفي نفس الوقت الرسم البياني الخاص بالرقم القياسي للترميم والإيجارات خلال فترة زمنية من عام 2004 إلى عام 2011.

المسح السكاني لمدينة الرياض

بلغ عدد سكان المملكة العربية السعودية 27.1 مليون نسمة في عام 2010 بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة من مصلحة الإحصاءات الرسمية بلغ عدد المواطنين السعوديين 18.7 مليون نسمة، وعدد السكان غير السعوديين 8.4 مليون نسمة وشكَّلت نسبة الذكور غير السعوديين 70% من إجمالي المقيمين، معدل النمو السنوي السكاني في المملكة 2.5%.. هذه نظرة سريعة على التعداد السكني في المملكة وفي ما يلي بعض النقاط الهامة حول التعداد السكاني لمدينة الرياض:

1 - تشكّل منطقة الرياض حوالي 25% من سكان المملكة ويبلغ عدد سكانها 6.77 مليون نسمة يمثل السعوديون منهم 63.4%، فيما يشكّل السكان غير السعوديين في منطقة الرياض 2.48 مليون نسمة ويمثلون 36.6%.

2 - ارتفع عدد السكان السعوديين في منطقة الرياض في الفترة ما بين عام 2007 إلى عام 2010 بنسبة 7.4% بينما ارتفع عدد السكان غير السعوديين خلال نفس الفترة بنسبة 35.2%.

ويوضح الرسم البياني التالي التطور السكاني لمنطقة الرياض بحسب الجنسية خلال الفترة من عام 2007 إلى عام 2010 حيث نلاحظ من خلال الرسم ارتفاع عدد السكان السعوديين من 3.99 مليون نسمة إلى 4.29 مليون نسمة أي بزيادة بحوالي 296 ألف نسمة وبمعدل نمو سنوي 2.5%، وفي المقابل ارتفع عدد السكان غير السعوديين خلال نفس الفترة من 1.83 مليون نسمة إلى 2.48 مليون نسمة أي بزيادة بحوالي 645 ألف نسمة وبمعدل نمو سنوي 12% تقريباً، لا شك أن الدور الأكبر في ارتفاع السكان غير السعوديين يأتي بسبب الإنفاق الحكومي الضخم على البنية التحتية والنمو الاقتصادي الكبير.

التضخم الكبير في أسعار الإيجارات

بعد أن ظل الرقم القياسي للترميم والإيجارات ثابتاً للفترة ما بين عام 2004 إلى عام 2006 يتذبذب ما بين 100 إلى 101 أي بنسبة 1% نلاحظ من الرسم البياني أنه في عام 2007 قفز الرقم إلى 109 واستمر الرقم القياسي للترميم والإيجارات في الارتفاع إلى أن وصل إلى 173 في عام 2011.

وبالمقارنة بين النمو السكاني لغير السعوديين والرقم القياسي للترميم والإيجارات خلال الفترة ما بين 2007 إلى عام 2010 فإن النظر إلى الرسوم البيانية يغني عن الكثير من الكلام، حيث إنه مع النمو السكاني لغير السعوديين والذي بلغت نسبته 35% لنفس الفترة فإننا نلاحظ الارتفاع الكبير في الرقم القياسي للترميم والإيجارات وبنسبة 47% خلال نفس الفترة.

وهنا قد يتساءل بعضنا أن الغالبية من المقيمين هم من العمالة البسيطة التي من الصعب أن تؤثر على أسعار الإيجارات.. ربما يكون ذلك صحيحاً للوهلة الأولى، ولكن لكي نقطع الشك باليقين فإننا سوف نذكر بعض النقاط:

1 - تشير الدراسات إلى أن نسبة الأشغال في المجمعات السكنية المغلقة الخاصة بغير السعوديين تصل إلى 100%، كما أن فترة الانتظار للحصول على إيجار في هذه المجمعات تتجاوز سنة كاملة، والجدير بالذكر أن أسعار الإيجار في هذه المجمعات يصل إلى أرقام فلكية.

2 - نسبة الإناث تشكّل 29% من السكان غير السعوديين في منطقة الرياض، بمعنى آخر أن كثيراً من غير السعوديين قادرين على جلب أسرهم إلى المملكة وهذا ما لا يقدر عليه العامل البسيط.

3 - في ورقة عمل قدمها سعادة المهندس سعد المعجل نائب رئيس الغرفة التجارية بالرياض بعنوان: مشكلة الإسكان بالمملكة وتداعياتها على المجتمع السعودي في فبراير 2011 جاء من ضمنها النص التالي:

«يشير ذلك إلى أنه يُوجد بالمملكة إجمالاً 1.9 مليون وحدة مستأجرة، ويساهم السعوديون بنسبة 39.0% من إجمالي المستأجرين، في حين يُساهم غير السعوديين بنسبة 61.0% منهم».

4 - من يسكن الشقق السكنية يلاحظ أن نسبة لا بأس بها من جيرانهم هم من غير السعوديين، وهذا ما لاحظته شخصياً في مدينة الرياض.

حقيقة أنني متفائل وبشكل كبير في الأثر الإيجابي لبرنامج نطاقات في المستقبل القريب في ما يخص توطين الوظائف مما ينعكس وبشكل كبير لصالح الوطن والمواطن فالارتفاع المفاجئ بالأسعار يضر في اقتصاديات الدول ويخلط كثيراً من أوراقها فلو أننا هيأنا أنفسنا في ما يخص توطين الوظائف في القطاع الخاص بشكل عام وقطاع المقاولات بشكل خاص لتجنبنا كثيراً من الأثر السلبي على اقتصادنا، بالرغم من أننا وبكل تأكيد لن نستغني عن جميع الجنسيات الأخرى في ما يخدم مصلحتنا ومصلحتهم في نفس الوقت ولكن المسألة ترتيب أولويات وتجنب العوامل المؤثرة بشكل سلبي على الاقتصاد بما فيها العوامل المؤثرة على أسعار الإيجارات بشكل خاص وعلى أسعار العقار بشكل عام.