يظن كثيرون ممن يمارسون مفهوم الحرية الشخصية بطرق خاطئة..بأن جعل الآخر محور أحاديثهم شيء من حريتهم في التعبير, لا ينكره عليهم واع، ولا يلومهم فيه حيادي، أو «ديمقراطي»..
لذا فهم إن تناولوا هذا الآخر نقدا، وتجريحا،وطعنا ، فهو من باب النقد المباح عندهم.. مع أنه يكون ممن هم ضده.. أو مع من هو ضده..!!
هؤلاء تدور رحى نقاشاتهم في ذكر ، من يختلفون معه ويخالفونه.. أيخالفه أحد خاصتهم..,
ولا يأتي حديثهم في نقد عمل من يتعرضون له قدحا،وذما، بل يجرحون شخصه, وقد يتغلغون في شؤونه..
هذا النهج ليس من الحرية الشخصية، ولا هو من مروءة الأخلاق سلوكاً، بل هو سوء الأدب، وقصور التربية،و ضعف الإيمان..
والتوجيه الرباني صريح في شأن عدم سوء الظن في الآخر، أو التعرض له بسبه، والفحش معه، والنهي عن اللوك في سير الآخرين، ألا يسألهم من خلقهم: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}؟..
وهو من باب النميمة،والغيبة، بل البهتان..
وقد يصل الأمر إلى القذف،و واللعن، والشتيمة.. وفي ذلك كل الخروج عن جادة السلوك..
لماذا كل هذا..؟
هل الحياة لا تتسع إلا لهؤلاء..؟
أم أن القمة،و السفح محصوران لأحدهما..؟
أو لأن النجاح، أو الثروة، أو المواهب، أو المناصب،أو القدرات التي وراء هذا يحسبون من صنع الإنسان وحده..؟, وهي في الأصل من نعم الله التي ما قوي إيمان الفرد، إلا أيقن بأن الله الوهاب تعالى قد قسَّم الأرزاق، ولكل واحد أن يحرث في رزقه، ليحصد ما يجني..
كثر اللغط على الملأ, بين مدعي الحرية الشخصية،..على مستوى عام بين غالبية من الشعوب العربية المسلمة، بما فيهم أبناء جلدتنا، وتكشفت عورات الأخلاق في أمة الأخلاق... إلا من رحم ربي..
ويبدو أنه الزمن الذي فيه على المؤمن أن يجعل الدنيا سجنه الصغير, ليلقى جنته الفسيحة في منأى عن هؤلاء، الذين يصيبون الحياة بغم ٍّ, والأحياء بهمٍّ..
فللحرية الشخصية ضوابطها ،إذ هي ذاتها صورة لأخلاق المرء.. وأحد أهم مرآة له..
فما يحب المرء أن يُذكر به بين الناس وعلى ألسنتها، فليبدأ بنفسه في حق غيره، وما يحب أن يتغاضى عنه الناس ما عرفوا من عيوبه، فليفعل معهم في عيوبهم ما عرفها...، أوليس الذي يكبُّ الناسَ في النار هو حصاد ألسنتهم..؟
وأليس اللسان هو الناطق عن صاحبه..؟ الكاشف عن أخلاقه..؟
ومن ثم، أليس على المرء أن يمثل فضائل الأخلاق ما دام يدعيها..؟
فكثير مما تنشره وسائط التواصل بلغات التعبير المختلفة، يغم غما،..
يزيد الحسرات.., والخيبات،
على الأقل في أمر مفهوم الحرية الشخصية.., ومنهج ممارساتها لدى تلك الشرائح المنتشرة..
فالحرية تعني احترام الحق عاما أو خاصا، تبدأ منه، وتنتهي إليه بين خلقه ،في مدى فضائه ، أو في خانة اثنين منهم..
ولأنهم لا يمارسونها على هذا النحو فلقد كثرت شؤون الأخلاق،..كثرت..
إن ساريتها توشك على أن توقعها الريح في بحر لجي يتلاطم.
اللهم فاهد لأحسن الأخلاق.. كلَّ من خلقتَ.., ووهن فيه خلقه.., وضاقت به حريته..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855