|
القاهرة - حوار - سجى عارف:
كشف أحمد الوكيل الأمين العام لمجلس الأعمال السعودي - المصري رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية أن أبرز المعوقات التي كانت تواجه الاستثمارات بمصر عامة، سواء السعودية أو المصرية، تمثلت في غياب الأمن والاستقرار، مستدركاً بأن أغلب هذه العوائق سوف تُحلّ بمجرد عودة الأمن والاستقرار للشارع المصري. وتطرق أحمد الوكيل في حوار أجرته معه «الجزيرة» إلى اتفاقية حماية الاستثمار الموقَّعة بين المملكة ومصر، مؤكداً التزام بلاده بالاتفاقيات التي وقعتها الحكومات السابقة. وأعرب الوكيل عن أمله بأن يخرج اجتماع مجلس الأعمال السعودي - المصري بآلية لحل كثير من مشاكل المستثمرين السعوديين العالقة قبل الثورة وبعدها، منوها في الوقت نفسه بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين.
فإلى الحوار:
* ما مدى التزام الحكومة المصرية بمعاهداتها مع المستثمرين السعوديين المبرمة في عهد النظام السابق؟
- الفترة الأولى بعد ثورة 25 يناير كانت غير مستقرة، وبالطبع اليوم تكتمل الشرعية الدستورية أو جزء منها بانتخاب السيد رئيس الجمهورية، ونحن نحترم جميع التزاماتنا وتعاقداتنا تجاه المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، التي أبرمت من قِبل جميع حكومات مصر على مر التاريخ، طالما أن هذه الاتفاقيات والعقود التي أُبرمت طبقت بنودها وفقاً للقانون، فأي أمر قانوني له كل الاحترام والتقدير، أما إذا كان هناك خلاف في بعض البنود التي لم يفِ أحد الطرفين بالتزاماته حولها فهنا يُرفع الأمر للجان تبحث المشكلة للوصول إلى حالة التسوية بين الطرفين.
* ما طبيعة المعوقات التي تواجه الاستثمارات السعودية في مصر حالياً؟
- المعوقات التي كانت تواجه الاستثمارات بمصر عامة، سواء السعودية أو المصرية أو غيرهما، تعود إلى أمرين، هما عدم وجود الأمن وعدم وجود استقرار. وفي اعتقادي أنه بمجرد انتخاب السيد الرئيس ثم انتخاب البرلمان ووضع الدستور سيتوافر الاستقرار اللازم فيما بعد، ثم إن هناك مساعي جادة لعودة الأمن والانضباط في الشارع المصري واحترام القانون وعودة هيبة الدولة؛ لذا أعتقد أن أغلب هذه المشاكل سوف تُحلّ بعودة الأمن والاستقرار للشارع المصري.
* يتجاوز حجم الاستثمارات السعودية بمصر 27 مليار ريال.. أليس من المفترض وجود آلية قانونية لحماية هذه الاستثمارات؟
- صحيح، هي موجودة، وهي اتفاقية حماية الاستثمار الموقعة بين البلدين، وبنودها كثيرة، وتتضمن حقوق المستثمر وحماية استثماراته، وقّد وقعت عليها مصر والسعودية، والدكتور عبد الله الدحلان أمر بإنشاء وتشكيل فريق خاص لمعالجة المعوقات، إضافة إلى مكتب متخصص في خدمة الاستثمارات السعودية ومعالجة المعوقات التي تواجهها.
* ألا يتوجب على الجانب المصري فعل المثل لحماية المستثمرين الأجانب في مصر؟
- نحن مقتنعون تماماً بأن مصر لديها الكثير من المميزات النسبية التي تستطيع أن تجذب الاستثمارات من جميع أنحاء العالم، خاصة فيما يتعلق بأنها سوق استهلاكي كبير، قوامه 90 مليون شخص، إضافة إلى الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الحكومات بالعالم أجمع والحكومة المصرية؛ ما يجعل هذا السوق يتعدى الـ90 مليوناً إلى مليار و600 مليون نسمة، وهي اتفاقية الدول العربية واتفاقية دول شرق إفريقيا واتفاقية الاتحاد الأوروبي واتفاقية أمريكا الجنوبية، وبالطبع اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا؛ ما يجعل المنتج المصري يستطيع الدخول لأسواق قوامها مليار و600 مليون نسمة بمزايا تفصيلية، ودون رسوم أو جمارك بمجرد وضع 50 % من القيمة المضافة على أرض مصر؛ لذا السوق جاهز، لكن المشكلة التي حدثت في ثورة 25 يناير واكبت جميع الثورات الموجودة، ونحن أقل أضراراً - ولله الحمد - خاصة بالنسبة لثورة قامت بهذه القوة؛ وبالتالي على القبطان عندما ترتفع أمواج البحر السكون على أي أرض يابسة أو ميناء إلى أن تهدأ عواصفه، والقبطان المتميز هو من يتحضر لرحلته القادمة بعد عودة الهدوء؛ لذا عند عودة الأمن والاستقرار لمصر هناك مجال أن نسبح مجدفين بشدة للاستثمار، كما أن هناك جانباً نفسياً بجوار الجانب العملي وبجانب دراسات الجدوى، هو أن على السعوديين أن يستثمروا في مصر؛ لأن حب السعوديين لمصر وحب مصر للسعودية يربطهم بارتباط وثيق على مر التاريخ؛ ما يؤكد أنهم لا يمكن أن يستغنوا عن بعضهم بعضاً.
* كيف تصف لنا اجتماع مجلس الأعمال السعودي - المصري ولقاء الرئيس المصري الوفد السعودي برئاسة وزير التجارة السعودي، خاصة بعد تغير الموعد السابق؟
- جاء هذا الاجتماع بعد عبور سحابة الصيف في العلاقة السعودية المصرية في فترة سابقة، والجميل أن من قام بصنع مظلة فوق هذه السحابة كان الحضور والاحتضان الشعبي في ذلك الوقت، وأن هذه الزيارة جاءت بعد زيارة الرئيس المصري مرسي للمملكة ولخادم الحرمين الشريفين، وأنا أعتقد أن هذه الزيارة هي الخطوة الأولى لتخطي وحل بعض المشاكل العالقة والتفكير في المستقبل ومجلس الأعمال السعودي - المصري قادر على رفع حجم الاستثمارات من 27 ملياراً إلى 100 مليار ريال في مصر خلال السنوات الخمس القادمة، بل رفع الاستثمارات المصرية بالمملكة من 800 مليون دولار إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة المقبلة؛ فبالروح المنتظرة والفكر الصائب والقرب بين رجال الأعمال من الجانبين لديهم فرصة حقيقية ونادرة لانطلاقة جديدة في العلاقات المصرية - السعودية.
* ما الحلول التي تتوقع أن يخرج بها الاجتماع المنتظر؟
- سيخرج الاجتماع بآلية لحل كثير من المشاكل العالقة؛ لأن هناك مشاكل عالقة منذ قبل الثورة، وأخرى بعدها، وسيتم إيجاد حلول مباشرة وفقاً للقانون لهذه المشاكل العالقة في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين بإذن الله، وسيكون هناك تحرك بين مجلسَيْ الأعمال لوضع آليات جديدة وتصورات جديدة لمستقبل هذه العلاقة.
* يطالب المستثمرون السعوديون بضرورة وضع نظام لقضايا الاضطرابات العمالية في الاستثمارات السعودية بمصر، الذين يفوق عددهم 100 ألف عامل، فما رأيكم؟
- نحن في هذه الفترة نطالب بالمطالب نفسها مع الحكومة، وأن يطبق القانون في علاقة العامل بصاحب العمل، وأن يفعَّل تمثيل هذا التطبيق في الصالح العام. وكما ذكرت في بداية حديثي أن بعض الثورات يحدث عقبها اضطرابات؛ لأن الطموحات لدى الناس ترتفع لدرجات عالية، رغم أن الإمكانيات لا تساعد في ذلك، وأن دراسات الجدوى الاقتصادية أيضاً لا تساعد على تحقيق هذا، ونحن على تواصل مع السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير القوى العاملة ووزير التجارة والصناعة لتفعيل مواد قانون العمل وتطبيقه، خاصة أننا كذلك نعاني السياق نفسه، وأدعو العامل المصري إلى أن يتجه لمواد القانون فيما يخص الاضطرابات، وأن عليه أن ينظر للمستقبل، وسوف تنهض هذه الشركات؛ لتحقق أرباحاً كبيرة؛ ليحقق العامل المصري طموحاته في تحقيق آماله، وما أقوله هنا باختصار أن العامل وصاحب العمل في مركب واحدة؛ لأن أكثر المتضررين من إيقاف عجلة الإنتاج هو العامل؛ لأنه سيفقد راتبه في نهاية الشهر؛ لذا ندعو الجميع إلى أن يفكر في العمل أولاً، ثم نحقق النجاح؛ حتى نتمكن من رؤية مطالب تتفق مع القانون، وتتفق مع الوضع لهم لنحققها.
* هناك قضايا وصلت إلى القضاء، وهناك قضايا قيد الانتظار، وهناك أخرى اتخذت فيها قرارات، لكنها طور الطعون فيها.. فما الحل برأيك في مثل هذه القضايا؟
- ما وصل للقضاء لن نستطيع المساس به؛ فللقضاء قدسيته وحرمته؛ وبالتالي لا نستطيع إلا وصول الطرفين للتحكيم، أما غير ذلك مما وصل لمرحلة القضاء فلن نستطيع اتخاذ أي إجراء له، أما ما كان عالقاً فهذا يحكمنا فيه احترام العقود والاتفاقيات التي وردت في العقود على الطرفين، وبهذا يكون الحل.
* كيف ترى تخوف العديد من المستثمرين على استثماراتهم في مصر، خاصة أن الاقتصاد المصري يعاني عجزاً في الميزانية والاحتياطي، ناهيك عن قلة الأمن والاعتصامات العمالية للشركات؟
- نعم، إذا ما نظرتِ إلى الأمر من الظاهر سترين هذا، أما إذا ما نظرتِ بعمق لحقيقة الأمر والتفاصيل نؤكد أنك ستجدين أن هناك إمكانيات جمة وكبيرة لمصر لم تُستغل حتى الآن؛ فلو تحقق الأمن وتحقق الاستقرار وانطلقت عجلة الإنتاج من جديد فبهذا يمكن بسهولة جداً القضاء على العجز في الموازنة العامة، وتكوين الاحتياطيات اللازمة مرة أخرى، التي وُجدت لتنخفض وترتفع؛ فهي ليست ثابتة، ولنحقق ذلك يجب أن توجد لدينا الإمكانيات لذلك، واليوم اتفق صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 4.8 مليار دولار، فمجرد ارتباط الصندوق مع مصر شهادة بالجدارة الائتمانية بأن مصر تستطيع أن تفي بالتزاماتها السابقة والقادمة، وأنا من هنا أدعو الجميع إلى عدم التفتيش في الظواهر، والتفتيش بالباطن، وأن ينظروا إن كانوا يرون إمكانية مصر في إعادة عملية الإنتاج مرة أخرى، وهل استهلكت مصر جميع إمكانياتها ومميزاتها النسبية بأكملها أم أن هناك إمكانيات أخرى ما زالت كامنة لم تُستخدم، وهل سوق 3 ملايين باتفاقيات تجارية تصل لمليون و3 من عشرة يستطيع أن يطوى مرة أخرى أم لا.
* هناك من يقول أن وضع حزم من برامج الدعم والمساعدة للاقتصاد المصري سوف يعالج أزمة مصر الاقتصادية، أم أن هناك حلولاً أخرى؟
- نحن لسنا بحاجة لدعم، بل نحن بحاجة للمزيد من الاستثمارات لتوظيف قوة العمالة، وتقليل ظاهرة البطالة؛ فلدينا أيدٍ عاملة كثيرة، وهذه قد تكون ميزة أو لا، فلو كان لديك شباب استطاعوا إدارة ثورة، ولديهم الخبرات في التقنية والإصرار الذي رأيناه أثناء الثورة، فأعتقد أننا يجب أن نوجّه هذه الطاقة وهذه التقنية والإصرار للإنتاج وزيادة التنمية البشرية لقدرتهم. ووفقاً للمميزات النسبية هنا يمكنهم أن ينطلقوا في هذا الأمر.
* تُعَدّ مصر واجهة سياحية رئيسية لدى مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.. فهل ستعود السياحة المصرية إلى سابق عهدها؟
- أولاً، أحب أن أشير إلى أن عدد السياح السعوديين في مصر حسب التقارير زاد هذا العام عن نظيره في التوقيت نفسه، ثم إنها بالأمن والاستقرار سوف تعود أفضل مما كانت.
* الاستثمارات السياحية تحظى بنصيب ممتاز من حجم الاستثمارات السعودية، فهل من سبيل لحل مشاكل السياحة في مصر؟
- السياحة إحدى القاطرات المهمة المساهمة في تنمية حقيقية للشعب المصري، وبالتأكيد كل مشكلة ولها حل، فلو صفت النوايا واحترمنا القانون واحترمنا التعاقد الذي أُبرم وفقاً وطبقاً للقانون ستُحلّ كل المشاكل العالقة الآن.
* جمعية الصداقة السعودية المصرية أين وصلت؟ وإلى أين ستتجه؟
- بدأت هذه الجمعية في التكون، وسوف يكون لها ذكر ومكان أثناء انعقاد مجلس الأعمال وأثناء وجود إخواننا من السعوديين؛ حيث سيتم وضع الآليات اللازمة لتفعيل هذه الجمعية، التي تستطيع أن تقوم بتنقيح وتثبيت العلاقات السعودية - المصرية.
* كيف ترى الجانب الإيجابي للجسر المقترح الذي سيربط مصر والمملكة؟
- أهم أمر قد يزيد من القدرة التنافسية للمنتج، سواء كان مصرياً أو سعودياً، هو النقل واللوجستيات وإقامة جسور أو زيادة وسائل النقل أو عمل مناطق لوجستية في أماكن متعددة في البلدين، وسوف تستطيع أن تكون قاطرة تنمية للتبادل التجاري والتشجيع على الاستثمار وزيادة السياحة بين البلدين.
* ما زال ملف المعوقات الاستثمارية لرجال الأعمال السعوديين في مصر عالقاً.. فما الحل برأيك؟
- شُكّلت العديد من اللجان في مجلس الوزراء لحل الكثير من المشاكل العالقة؛ حتى يتمكن المستثمر السعودي والمصري من متابعة عمله في أسرع وقت، وعلى مجلس الأعمال السعودي المصري أن يتابع هذا في أسرع وقت، وأنا أعتقد أنه لا بد - إن شاء الله - أن يُعلَن من خلال هذه الزيارة مواعيد محددة للبدء في حل المشاكل العالقة أو القائمة، التي هي خارج القضاء.
* ما الرسالة التي توجهها للمستثمر السعودي الموجود بمصر والمستثمر المصري الموجود بالمملكة؟
- أوصيهم بأن يدرسوا دراسات جدوى اقتصادية صحيحة، وأن ينطلقوا؛ فالعلاقات القوية بين البلدين أقوى من أن تتوقف على مشاكل سوف تحل طبقاً للقانون، سواء في السعودية أو مصر.