ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 11/09/2012 Issue 14593 14593 الثلاثاء 24 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

من حركات الشباب الأخيرة كثرة الدعابات والطرائف، فلا يكاد يسلم من تعليقاتهم إنس ولا جن وحتى الحيوانات! فهم يطلقون الطرف على الأمهات وعلى الآباء ويتهموننا بأننا نتفق بالتآمر عليهم للتشابه بين تصرفات الأمهات وعباراتهن المعتادة في كل البيوت!!

فاجأتني ابنتي المشاغبة بنوع جديد من الطرف أثناء الغداء حيث قالت: تخيلي يا ماما بعدما انتهيتِ من تناول وجبة لذيذة من الأرز والدجاج المشوي وذهبت لغسل يديك؛ وجدت صوصاً حزيناً يهز كتفك ويسألك عن أمه الدجاجة، ويا للهول اكتشفتِ أنها ذاتها التي تناولتِها للتو في طعامك اللذيذ. ماذا ستردين عليه!

انقلب الحديث الممتع والحوار الطريف إلى تراجيديا ودراما عنيفة جعلت الفتاة تعتذر وتتأسف من ذكر الطرفة وأنها لا تعدو عن ذلك، ولكنني تركتها وأنا أتخيل بالفعل الصوص وأمه، بل تجاوز خيالي الدواجن اللطيفة إلى قطعان الغنم والماعز وذود الإبل! ولم يقف عند ذلك بل تخيلت كل طفل يسأل زعيماً مجرماً عن أبيه الذي قتله وأكله وأجهز على أمه، وتركه لطيماً بفقده أمه وأبيه!!

كيف لطرفة تافهة أن توقظ لديك جميع المشاعر الإنسانية فتثير في نفسك الاشمئزاز والقهر وكراهية الطغيان والاستبداد؟!

وكيف لعيون أن تطبق جفونها وتستمرئ النوم وهناك عيون طفل مكلوم تندى دمعاً، وقلوب أطفال يتامى ولطامى يفصّدها القهر فتنزف ألماً؟

وكيف لأفئدة تأنس بعيش وهي تحول بين طفل وصدر أمه وذراعي أبيه؟!

إن أعظم ظلم تمارسه البشرية منذ قيامها سفك الدماء وقتل الوالدين وبكاء الأطفال. وهل هناك أجمل من ضحكة طفل؟ فكيف يجرؤ أحد على اغتيال البسمة، وانتهاك الطفولة؟ أو لم يسمع الشاعر بدوي الجبل وهو يقول:

وصن ضحكة الأطفال يا رب إنها

إذا غردتْ في موحش الرمل أعشبا

وهيئ له في كل قلب صبابة

وفي كل لقيا مرحبـاً ثم مرحبـا

ويا رب حبّب كل طفل فلا يرى

وإن لجّ في الإعنات - وجهاً مقطبا

فالطفل الرضيع لا يحتمل تقطيب الجبين ويفهم تلك اللغة الصامتة، وهو ما يحتم علينا أن نكون أكثر لطفاً وأشد عطفاً معهم ولا نقسو قط عليهم، وحتى على صغار الحيوانات وكبارها، ولو رأيت كيف تحنو الحيوانات المفترسة على صغارها لتواريت خجلاً من تصرف أرعن أو لحظة عنف عابرة.

إلا الطفولة، أبعدوها عن التصفيات الشخصية وأشكال الانتقام البهيمية التي لا تشرف بها الإنسانية.

ترى لو قابلك ذلك الصوص المكلوم وسألك ذلك السؤال (أين أمي) بمَ ستجيبه؟

هل سيطاوعك قلبك وتقول الحقيقة بأنك أكلتها بلذة واستمتاع وأن عظامها سترقد في مرمى النفايات؟ أم هل ستزيد الوجع وتقول له: إذا كبرت سيكون مصيرك كمصير أمك أيها الشقي، أم ستنهار باكياً وتحلف أنك لن تذوق الدجاج وستستبدلها بالسمك؟ لأنه يموت بمجرد مفارقته الماء فلا يلاحقك نسله بسؤال إجابته أصعب؟

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
الصوص اليتيم!!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة