أمام باب أحد المطاعم الصغيرة رأيت طفلا لا يتجاوز عمره الثانية عشرة يقف على عتباته ويمسك ورقة وقلما.
استثار المنظر فضولي، ووقفت عند الباب الزجاجي اسأل الطفل عن أنواع الأطعمة المقدمة، فصار يعدد ويمدح، ويشرح طريقة التحضير بأسلوب مشوق! سألته: كيف يعمل بهذا المطعم وهو صغير السن ؟ فأجاب بذكاء:أعوذ بالله أنا أساعد والدي وأتسلى.
شكرته وانصرفت، وبقيت صورته البريئة في مخيلتي، فهو لا يرى نفسه يعمل، بل يساعد والده، بمعنى أنه لا يتقاضى راتبا ويكتفي بما يمنحه إياه أبوه من مكافأة أو وجبة ساخنة!!.
العجيب أن المطعم كان يعج بالشباب من ذوي الأجساد المكتنزة والشحوم المترهلة وهم يضحكون ويقهقهون ويرمي بعضهم بعضا ببقايا الأكل!!
لا يشعر الطفل الشامي بالحياء من عمله وخدمته للزبائن وتحقيق مطالبهم، كما يحس به أبناؤنا المواطنون الذين يتحرجون من أداء أعمال مهنية شريفة ويرون أنها لا تليق بمقامهم الرفيع! وفي ذات الوقت يشكون من البطالة! بينما والد ذلك الطفل يدير مطعما حصل على ترخيصه بواسطة مواطن متستر عليه وبدأ بتعليم ابنه الصنعة كيلا يئن من ضيم البطالة المقيتة.
ما يشعرني بالأسى وأنا أسترجع حديث ذلك الطفل الراشد وما رأيته من نشاطه في عمله؛ أن أطفالنا يمارسون الفوضوية داخل المنزل، فلا يتناولون وجباتهم في المنزل ولا يرتبون غرفهم الخاصة ويطلبون مصروفا ضخما، وأسرهم تلبي المطالب وتوفر لهم أحدث الأجهزة الإلكترونية الذكية! فكيف سيُقبلون على أعمالهم ويمارسونها بأمانة وإخلاص ودون تذمر أو ترك العمل بعد فترة قصيرة؟!
أقول ذلك وأنا أرى وزارة العمل تستجدي رجال الأعمال لتخفيض ساعات العمل وأيامها الأسبوعية في المؤسسات والشركات الخاصة ليقبِل الشباب عليها ولأجل منحهم مزيدا من الراحة وبالتالي المزيد من (تسدحهم) واسترخائهم في الاستراحات وطلعات البر!.
ما أدهشني رد رجال الأعمال على الوزارة بهذا الخصوص، حينما لمّحوا بأن ذلك سيعود على المستهلك بالسلبية، وسيحمّل تبعات ذلك، فستزداد الأسعار عليه لسد عدم تواجد الموظفين السعوديين في أعمالهم يوم الخميس! كل هذا لأجل عيون الشاب السعودي المدلل، وكي تخفف وزارة العمل على نفسها وطأة لوم الناس لها بالتهاون في توظيفهم !!
تذكرت شيئا من حواري مع الطفل حينما سألته متى تكون موجودا لكي أطلب وجبة منك أنت بالذات؟ قال بثقة: ولووو كل يوم حتى التاسعة مساء! طبعا بعد انصرافه من المدرسة ومذاكرته دروسه يتسلى بالعمل!!
طفل! وكل يوم عمل، يا شباب !!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny