تتميز اللغة العربية بالوضوح والإبانة وهي تُستهدف كل يوم بسهام بالغة التأثير من ألفاظ دخيلة ومسميات أجنبية.. ومن الأمجاد التي نعتز بها أن هذه البلاد مهد الفصحى وموطنها الأول ولذا يجب أن نربي الشباب على حب لغته العربية، فاللغة أهم وسائل التفاهم بين أفراد المجتمع، كما أنها ظاهرة اجتماعية، وضرورة من ضروريات الحياة انفرد بها الإنسان دون غيره عن سائر المخلوقات، وهي أساس كل أنواع النشاط البشري، ووعاء فكرها، ورمز حضارتها، وتؤدي دوراً أساسياً في حياة كل أمة، ومن أقوى الروابط بين فئات المجتمع، وانعكاس للشخصية البشرية، ووسيلة تدوين فكر الأمة، وعطائها في ميادين العلوم، وضروب الآداب ومجالات الثقافة وألوان المعارف والفنون، ومنذ أن اشتد إحساس علماء اللغة العربية ومثقفيها بالهجمة المركزة، وبالغزو الفكري والحضاري الذي تعيشه الآن اللغة في عصر العولمة، وهم يحاولون البحث لإعادة وجه اللغة العربية وسيادتها وإسهامها الحضاري والفكري، فضلاً عن ريادتها كهدف وأمل يعيد للذاكرة مراحل ازدهارها نظراً وممارسة، ولقد صدرت البحوث العديدة فيما يتصل باللغة العربية، والدفاع عن حياضها، والإيمان بتفوقها وقدرتها على الاستجابة لكل ما جد ويجد من كشوف في مجالات العلوم البحتة والتطبيقية والتقنية والإنسانية، والتفاعل المثمر مع عطاء وإنتاج الآخرين، وخوض غمار المعترك الحضاري، ومما يؤسف له أن هناك من يسعى إلى أن يسقط من حساب الحضارة العالمية الثقافية العربية الإسلامية في سالفها وفي حاضرها، ويسد الطريق أمام نهوضها وتطورها ومستقبلها، وتلك نظرة ضيقة وتعصب ممقوت، فاللغة العربية بحر مليء بالدرر منذ معلقات الشعر الجاهلي.. وعصورها الذهبية الإسلامية، وظلت المرتكز والمحور الأساسي الفاعل، والمؤثر لتلك الحضارة الزاهرة بحكم أنها لغة القرآن الكريم، وبقيت محافظة على صفائها ونقائها عبر مسيرة الحضارة الإسلامية وعلمائها ومفكريها، وما خلفوه من تراث نفيس ومأثورات عظيمة ومجد لغوي وفكري سامق وعلينا أن نحبب أبناءنا في لغتهم العربية والإقبال عليها ويشبوا على الاعتزاز بها ويكونوا سداً في وجه المتعالين عليها بممارسات لغوية تحمل في طياتها بوادر العجمة والرطانة. إن علينا أن نحرص على الاهتمام والمحافظة على سلامة اللغة، والوقوف في وجه كل ما يعتريها من شوائب دخيلة عليها خصوصاً وبلادنا هي مهد اللغة العربية ومعد الفصحى، ومنطلق الفكر العربي، وبهانزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تكفل الله بحفظه، ولذا ستظل اللغة العربية باقية خالدة ناصعة مضيئة بفضل ما لها من خصائص البقاء، وخصوصاً في هذه الحقبة التاريخية، وفي هذا العصر الذي أطلق عليه عصر المعلومات والحاسب الآلي وشبكة الإنترنت وعلينا أن ننبه باستمرار على مدى الخطر الذي يمكن أن تتعرض له اللغة العربية في عصر العولمة والوقوف في ميدان التحدي الحضاري. وأختم الحديث بمقولة اللغوي الشهير إدوارد سابير: (هناك خمس لغات فقط تشكل أهمية كبرى لنقل الحضارة هي اللغة الصينية القديمة والعربية والسنسكريتية والإغريقية واللاتينية). حقق الله الآمال بأن تتبوأ اللغة العربية مكانتها المرموقة وبعث الاهتمام بها لدى أبناء الأمة.
عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون
باحث في أدب الرحلات