كثيراً ما نتحدث عن العاطلين عن العمل، رغم أن معظمهم لديه تأهيل جامعي، وغالباً ما ينصب اللوم على القطاع الخاص، والذي يفضل العمالة الرخيصة على ابن الوطن كما هم معظم أثريائنا، وغني عن القول أننا أصبحنا مضرب المثل، فلا أحد يصدق أن هناك بطالة في بلد لديه أكثر من سبعة ملايين أجنبي!، ونود أن نقول هنا إن حجة رجال الأعمال، والتي تتلخص في عدم مقدرة المواطن على منافسة الأجنبي ليست مقنعة، فالتجربة علمتنا أن الأمر برمته يتعلق بالجشع، فالعامل الأجنبي -عكس المواطن- سيقبل بالراتب القليل مقابل عـمل كثير، ويعلم رجال الأعـمال أنهم لو دربوا هؤلاء الشباب السعوديين، ومنحوهم ما يستحقون من مميزات، لفاقت قدراتهم نظرائهم الأجانب، ولنا مثال حي في شركات عملاقة مثل أرامكو، والتي أصبح المواطن السعودي فيها مضرب المثل في الجدية والتميز والابتكار والإخلاص، ومع ذلك فإننا يجب أن نعترف بأن هناك خللاً جسيماً في التأهيل التعليمي لأبنائنا، فكثير منهم يتخرج من الجامعة وهو ليس مؤهلاً للعمل في تخصصه الدقيق، فما المشكلة يا ترى؟.
نظامنا التعليمي يعاني من مشاكل جمة تتعلق بالمعلم والمنهج وفي البيئة التعليمية، وهذا موضوع طويل لا يعالجه مقال عابر، ولكن سنتحدث فقط عن مشكلة واحدة بإمكان التعامل مـعها بمهنية أن يغير الأمر جذرياً، فالكل يعلم أن التعليم هنا يتمحور حول «الحفظ»، أي أن الطالب -سواء في المرحلة مـا قبل الجامعية، أو حتى الجامعية- يحفظ ما يسمع من الأستاذ، أو ما يقرأ من المذكرة والكتاب، ثم يعيد صياغته في ورقة الإجابة مرة أخرى، وهنا تكون ملكة «التفكير» معطلة بالكامل، وهذا السلوك التعليمي شائع -وإن بدرجات متفاوتة- في كل بلدان العالم الثالث، فما الحل والحالة هذه؟.
الحل يكمن في إعادة صياغة النظام التعليمي برمته، من الاعتماد على «الحفظ والتلقين» إلى إطلاق العنان لملكة «التفكير»، كما في كل البلاد الغربية عموماً، وبعض دول آسيا المتقدمة كاليابان وماليزيا وهونج وكونج، وذلك باستخدام ما يسمى بالعصف الذهني» برين ستورمنق»، والذي يمكن الطالب من إعمال ملكة التفكير بطاقتها القصوى، وهذا سيمكنه بالتالي من اتخاذ القرار السليم فيما يتعلق بما يريد بالضبط، وعندها لن تجد طالباً يتخصص في حقل من حقول المعرفة وهو مؤهل للتخصص في حقل آخر يناسبه، وبالتالي لن يتمكن من الاستيعاب إلا بقدر ما يمكنه من النجاح، ثم تكون النتيجة بطالة عن العمل، لأنه فعلاً غير مؤهل في الحقل الذي تخصص به، وخلاصة القول هي أن علينا أن نؤهل الطالب للحصول على عمل، لا للحصول على البطالة.
فاصلة:
«يجب أن نعلم أبناءنا، لكن يجب أيضاً أن ندعهم يعلمون أنفسهم»..
آرنست ديمنت
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2