حين يسألني أحدهم، أو حين أدخل في حوار مع مجموعة حول شكل واتجاه الفنون البصرية لدينا بناء على الزمان أو المكان أجد أن نسبة غير قليلة تتفق على أن أغنى منطقتين من حيث الانتاجية والتنوع مع ثبات خط التطور المنطقي في اتجاه الفنون، وربما أيضا في جانب الأصالة في الانتاج، هما المنطقة الشرقية (والقطيف على وجه الخصوص) والمنطقة الجنوبية (عسير أو أبها تحديداً)، ويشمل ذلك الفنانين (المهاجرين) هجرة مؤقتة أو دائمة من تلك المنطقة لمناطق أخرى من مناطق المملكة.
ولا يختلف اثنان على أن الحراك في مدينة جدة هو الأعلى من حيث العرض وتعدد قاعات الفنون بل وتنوعها، ولكن دون ثبات خط لجماعة محددة أو مجموعة من الفنانين يميز نتاج تلك المدينة في حقبة زمنية يمكن تمييزها مستقبلا، خصوصا مع تضاؤل تأثير ما يمكن أن نسميه «مدرسة رضوي» التي شاعت في الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، وإن كان بعضهم يرى تشابها بين أساليب بعض من الفنانين أو تأثيرات لأساليب بعضهم على بعض!
أما المناطق الشمالية فحضورها على مستوى المملكة يكاد يكون محدودا، ويشتكي بعض فناني تلك المنطقة من عدم وجود روافد تساهم في دعم ونشر فنونهم أو حتى صقل مواهب شبابهم.
وتحظى المنطقة الوسطى بالحراك الرسمي، ويحظى فنانوها بطبيعة الحال بالقرب من مراكز الحدث، والفرص التعليمية وإمكانية وسهولة العرض لأسباب لوجستية. لكن لا تزال النظرة تجاه ممارسة الفنون بين أفراد مجتمع الوسطى عائقا دون تطور متوقع لمن يحظى بمثل هذه الفرص في الدعم والتعليم والاحتكاك مقارنة بالمناطق الأخرى الأقل كثافة سكانية أو الأقل (ضجيجا) في حراكها ثقافي.
ونظرا للتسارع في النمو والحراك في مجال الفنون البصرية أتوقع كما يتوقع غيري، أنه بعد 10 سنوات من الآن سنرى تبعات ماذكرته في هذه المقالة واقعاً يُسّجل في تاريخ الفنون في المملكة العربية السعودية.
msenan@yahoo.comtwitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D