اعتاد الأخ محمد فهد العتيق - وفقه الله - تتبع النصوص الواردة في المقالات الصحفية التي تنشر في الجزيرة والتنبيه على الضعيف منها، وهذا شيء حسن.
وقرأت تعقيبه المنشور يوم الأحد 8-10-1433هـ على نص في مقال لي تحت عنوان (وداعا يا شهر الخير) نشر في 30-9-1433هـ والنص هو (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.....) وذكر في تعقيبه أن هذا حديث ضعيف.
ومع شكري للأخ محمد على تتبعه للنصوص في المقالات الصحفية أحب أن ألفت نظره إلى ما يلي:
1 - لو رجع الأخ محمد إلى المقال الذي ذكر فيه النص لم يجد فيه ما يدل على أن النص حديث مرفوع، وإنما جاء النص مجرداً من علامة الرفع من باب الاقتباس والخبر، مما يدل على أن كاتب المقال يعلم بضعف السند، فكيف سماه الأخ محمد حديثا دون ورود ما يدل على رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك فليس كل نص حديثا وإنما كل حديث نص.
2 - من المعلوم أن معنى النص الذي ضعفه الأخ محمد مجمع على صحته، فما الفائدة من بحث سند لم يذكر؟.
3 - على الفرض بأنه حديث مرفوع فقد ضعفه ابن حجر والألباني وصححه الحاكم في المستدرك وحسنه الترمذي في سننه، والسبب في تضعيفه: لأنه من رواية أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، قال عنه ابن عدي في ترجمته (الغالب على أحاديثه الغرائب وأحاديثه صالحة تكتب) وقال الذهبي: ابن أبي مريم واه، وكذا قال عنه العجلوني في كشف الخفاء، والحديث له طرق أخرى تقويه، وما ذكر فيه من ضعف لا يمنع الاستئناس به من حيث المعنى.
4 - هذا النص يستشهد به كثير من هيئة كبار العلماء في مجال الوعظ والإرشاد كالشيخ ابن باز - رحمه الله - والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في خطبه وفي شرحه لرياض الصالحين ويذكر من صححه ولا يذكر من ضعفه مما يدل على أنه يميل إلى تصحيحه، وكذلك يستشهد به سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في خطبه ومواعظه فقد ورد هذا النص في خطبة الجمعة 9-8-1433هـ.
5 - أحيل الأخ محمد إلى مقال سبق أن كتبته ونشر في العدد (14322) من صحيفة الجزيرة في 20محرم 1433هـ حول حكم الاستدلال بالحديث الضعيف، وأتمنى أن يكون قد قرأه، وذكرت فيه ترجيح القول بصحة الاستدلال بالحديث الضعيف في مجال الوعظ والإرشاد إذا كان معناه صحيحا ولم يجزم كاتبه بالرفع.
6 - إن كان الأخ محمد مهتماً بتحقيق النصوص من حيث السند فأحيله إلى البحوث الأكاديمية والمخطوطات العلمية، فهي أحوج ما يكون إلى التحقيق من المقالات الصحفية.
أما إن كان غرضه من التعقيب التنبيه فقط، فليتأكد أولاً من سياق النص، هل فيه ما يوحي بأنه حديث مرفوع أم لا؟ حتى لا يحجر واسعا، فكثير من النصوص لها معنى مؤثر في مجال الوعظ والإرشاد، فلا مانع من الاستئناس بها ولو كان في سندها ضعف بالضابط الذي ذكرته سابقا، ومن ذلك على سبيل المثال (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) و(لا تسرف ولو كنت على نهر جار).أرجو أن يتسع صدر أخي محمد وكل قارئ لهذا التعقيب الذي قصدت منه الفائدة لا غير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
د. إبراهيم بن ناصر الحمود - المعهد العالي للقضاء