طارت الركبان هنا بالكلمة التي ألقاها الرئيس المصري محمد مرسي في مؤتمر قمة عدم الانحياز في طهران، وأصدقكم القول إنني سعدت بدوري، فمن المسلم به أن المشاعر الإنسانية تنتقل بالعدوى. هذا، ولكن ما أن هدأت العاصفة حتى تقافزت أسئلة كثيرة في رأسي، كان أهمها عما إن كانت تلك العاصفة ترحيبا بما قاله السيد مرسي، أو بمرسي ذاته؟، إذ اعتدنا - ومنذ فوزه بالرئاسة - أن جمهوره العريض في المملكة يحتفل به بكل مناسبة، فتارة يتعلق الأمر بإلقاء خطبة في أحد المساجد، وتارة تنشر صورته وهو يؤم العاملين معه في الصلاة، والويل ثم الويل لمن ينتقده، فمن يغامر بمثل هذا سيجد « شبيحة» الإعلام الجديد جاهزون لقصفه بسيء الكلم، فهو عميل للغرب، ومن بقايا الفلول، حتى ولو كان مثل صاحبكم لم يزر المحروسة إلا مرة يتيمة، ومنذ زمن طويل!.
من يتابع ما يكتب عن الرئيس مرسي في الإعلام يشعر بأن مصر أصبحت واحدة من دول العالم الأول، مع أن الواقع يقول إنها لا تزال تعاني كثيرا، كما كانت منذ عقود، فهي - على سبيل المثال - مكبلة باتفاقية كامب ديفيد، وهو الأمر الذي جعل إسرائيل تطلب منها سحب معداتها العسكرية من إحدى مناطق سيناء، حتى قبل أن تكمل مهمتها التي ذهبت من أجلها بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة، وهذا أمر معلن ومعلوم، كما أن حكومة مرسي قامت بهدم أنفاق غزة، وهو الأمر الذي لم تجرؤ حتى حكومة مبارك على القيام به، هذا على المستويين السياسي والعسكري، فماذا بعد؟.
الاقتصاد المصري يعاني من مشاكل جمة، ليس أقلها عدم وجود أكثر من 15 مليار دولار في الخزينة، إضافة إلى تعثر القروض المزمع تنفيذها، مع كل ما يعنيه ذلك على المدى القريب والبعيد، ولا يعني هذا التقليل من شأن الرئيس مرسي وحكومته، بقدر ما يعني أن الاحتفاء بكل ما يقول ويفعل، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، يعيدنا إلى نقطة الصفر، أي « ثقافة الردح والتطبيل»، وهي الثقافة التي اكتوى بنارها عالمنا طويلا، فإعادة تدوير هذه الثقافة لن يساهم بالتأكيد في التقدم الذي ينشده المواطن العربي منذ زمن طويل، وفي الأخير، فإنني أتساءل عن سر صمت بني جلدتنا عن المواقف المشرفة لدول الخليج، وبالذات المملكة من القضية السورية ؟، خصوصا وأنهم ملؤوا الدنيا ضجيجا بعد ما قاله الرئيس مرسي عن ذات القضية في طهران؟!.
فاصلة: «اعترضوا بكل قوة على ظهور المرأة محجبة في قنوات التلفزيون السعودي، وقالوا: إنه «تغريب»، ثم بعد أن ظهرت مذيعة محجبة في تلفزيون مصر بشرنا - ذات المعترضين- بعودة الحكم الإسلامي إلى أرض الكنانة!... فتش عن الهوى».
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2