|
جدة - عبدالله الدماس:
اختتمت يوم أمس الأربعاء ندوة التطورات الحديثة للإدارة الرياضية في ظل الاحتراف الرياضي العالمي التي أقامتها كلية الأعمال ممثلة ببرنامج الماجستير التنفيذي في الإدارة الرياضية بجامعة الملك عبد العزيز التي احتضنتها قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بمقر الجامعة بجدة.
ورعى الندوة معالي مدير الجامعة الدكتور أسامة بن صادق طيب بحضور ومشاركة العديد من الشخصيات الرياضية والإعلامية والأكاديمية.
ملاعب عالمية
وقدم الجلسة الأولى الأستاذ علي داود الإعلامي الرياضي ورئيس نادي الوحدة، مرحباً بالمتحدثين المشاركين في جلسات الندوة، حيث استهل الجلسة الأولى صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن مساعد رئيس لجنة خصخصة الأندية بمحاضرته (الخصخصة في المجال الرياضي السعودي: آمال وتحديات)، والتي تحدث فيها عن معاناة القطاع الرياضي في المملكة من عدم وجود كفاءات متفرغة تساعد على تحسين أداء الإدارة الرياضية السعودية، وأكد على أن الخصخصة المرتقبة للأندية السعودية ستساعد على حل أمرين هامين هما توفير متفرغين وكفاءات محترفة في المجال الرياضي وخلق أو صناعة موارد مالية متعددة.
وبيَّن الأمير عبد الله أن مشروع الخصخصة الجاري إعداده يعتمد على الأنظمة الموجودة في العالم بما يتوافق مع طبيعة العمل الرياضي والاجتماعي بالمملكة، وأن المشروع يهدف إلى رفع مستوى الأندية الممتازة مستنداً على ما هو معمول في أنظمة الدوري الإسباني والإنجليزي والأمريكي.
وأوضح رئيس لجنة الخصخصة أن المشروع المقبل الذي من المتوقع الانتهاء منه وإعلانه خلال الأشهر الستة المقبلة سيعمل على وضع آلية لتوزيع الدخل على الأندية في المملكة ويدعو إلى إنشاء شركة إنتاج معروضات الأندية للبيع وتسهيل بناء الأندية ملاعب رياضية على مستوى عالمي، ويقدم مشروع إنشاء صندوق رياضي يتشكل من عائدات بيع الأندية لمساعدتها في بناء هذه الملاعب، مؤكداً على أن الأندية لن تكون شركات تطرح في سوق الأسهم، داعياً في ختام محاضرته إلى ضرورة وضع حد أعلى وأدنى لقيمة معروضات الأندية ومقراتها المراد بيعها في السوق بناءً على مكانة كل نادٍ وسمعته وجماهيريته.
تذاكر إلكترونية قريباً
عقب ذلك قدم الأستاذ محمد النويصر مدير عام رابطة دوري المحترفين السعودي محاضرته بعنوان: ( دوري المحترفين السعودي: آفاق وتطلعات للمستقبل) وتساءل بدايةً: هل من الممكن إقامة دورينا مثل الدوري الإيطالي أو الإسباني أو الإنجليزي؟ ثم تحدث عن الرابطة ورؤيتها وأهدافها ورسالتها وقيمها ولائحة تراخيص الأندية السعودية معلناً عن صدور أول رخصة لنادٍ سعودي خلال الأسبوع المقبل، وأوضح أن العمل جارٍ على إصدار تذاكر إلكترونية قريباً وبإمكان الجماهير حجز مقاعدها في الملاعب، وأكد على أن الرابطة انتهت من تسجيل لاعبي الأندية وتصويرهم واعتماد التنظيمات الإعلامية وأنشأت عدداً من المراكز الإعلامية المتخصصة وقاعات المؤتمرات الصحفية في الملاعب بالمملكة، وأصدرت مجلة متخصصة عن الدوري السعودي تصدر دورياً، وعملت الرابطة على تطوير بيئة الملاعب، وقدمت خطة لتفعيل برامجها وأنشطتها في المسئولية الاجتماعية، وختم النويصر محاضرته بتحديد مؤشر النجاح عندما تكون مدرجات الملاعب السعودية ممتلئة بالجماهير.
الاستثمار في الأندية الرياضية
ثالث المحاضرات في الجلسة الأولى كانت للدكتور حافظ المدلج رئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي بمحاضرته (الاستثمار في الأندية الرياضية السعودية)، حيث عرض أمثلة متعددة عن الاستثمار في الأندية العالمية مقارنةً بالوضع القائم في المملكة، وأكد على أن الأندية العالمية توقع عقوداً استثمارية طويلة لضمان الاستثمار المالي طويل الأمد وبالتالي ضمان استقرارها، كما أنها توقع عقوداً لتخفيف أعبائها من أدوات وأجهزة ومعدات مع شركات متخصصة تتولى توريد هذه الاحتياجات بمقابل امتيازات الرعاية.
وبيّن الدكتور المدلج بدايات الاستثمار في الأندية السعودية خلال فترات دعم الدولة وأعضاء الشرف وبدايات النقل التلفزيوني وتطورها والإعلان على قمصان الأندية بين القديم والحديث والتجارب الاستثمارية القصيرة المدى التي لم يكتب لها الاستمرار، وبدايات المنافسة بين شركات الاتصالات لصالح الأندية وتطور عقود الرعاية للأندية الجماهيرية فقط.
ودعا الدكتور حافظ إلى الاستفادة من التجارب الآسيوية والتجربة القطرية ونادي الجزيرة الإماراتي، مبشراً بمستقبل الاستثمار في الأندية السعودية، ومؤكداً على أهمية تحديد مواصفات مسئول الاستثمار المثالي في الأندية.
قانون وأخلاقيات الرياضة
في الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور أمين ساعاتي الإعلامي والمؤرخ الرياضي المعروف، قدم أستاذ الإدارة الرياضية بجامعة أم القرى الدكتور عبد اللطيف بخاري محاضرته في قانون وأخلاقيات الرياضة، وعرض نتائج دراسة واقع الشباب والرياضة في العالم الإسلامي، التي خلصت إلى أن العالم الإسلامي لم يخترع أو يقدم للحركة الأولمبية أو الدولية أي لعبة مبتكرة، وجميع الدول الإسلامية استوردت الألعاب دون تعديل، وأن البرامج والمناهج الرياضية كلها مستوردة ولا تنفذ، وأن بعض المحامين أو ممن لديهم خبرات في العمل الإداري الرياضي هم من يعمل على تقنين اللوائح والأنظمة مع عدم الاستعانة بالعلماء والمتخصصين في تطوير الرياضة.
وأكد الدكتور بخاري على أن هناك خلطاً واضحاً وملموساً بين النادي واللاعب والمؤسسة الرياضية وأن جميع المؤسسات الرياضية تعتمد على 3 محاور هي محور الموارد البشرية ومحور الموارد المالية ومحور الإدارة التشغيلية والقانونية.
وبيّن الدكتور عبد اللطيف أن للمؤسسات الرياضية تفرعات في الإدارة تتمثل في فرع الإدارة التشغيلية والفنية والقانونية وإدارة التطوير، ودعا في ختام محاضرته إلى ضرورة توفر مهارات النجاح في القائد الرياضي الناجح.
الإدارة الرياضية والبحث العلمي
في محاضرته الثانية في الجلسة الثانية، قدم الدكتور ملفي الدوسري رئيس قسم الإدارة الرياضية بجامعة الملك سعود محاضرته بعنوان (الإدارة الرياضية والبحث العلمي: قضايا وتحديات) وطالب في بداية المحاضرة بضرورة النهوض بالمؤسسات الرياضية والحاجة إلى تكثيف البحث العلمي في الإدارة الرياضية الذي يبلغ حجم الصرف العالمي عليه ما يقارب 6 مليارات دولار وتأتي في مقدمة الدول الأكثر صرفاً في هذا الجانب أمريكا ثم الصين واليابان.
وقرن الدكتور ملفي نشأة البرامج الرياضية في المملكة منذ سنوات بسيطة، في حين قدمت الدول العالمية هذه البرامج منذ عقود زمنية طويلة، ولا توجد في المملكة برامج دكتوراه أو مجلة متخصصة أو جمعية للإدارة الرياضية، وكلها مطالبات تستحق توفيرها وتنفيذها.
وأوضح الدكتور الدوسري أبرز التحديات التي تواجه برامج البحث العلمي في الإدارة الرياضية، وهي بناء البرامج الأكاديمية المتخصصة والتنوع فيها وضرورة تلبية مخرجاتها لاحتياجات المجتمع وقلة أوعية النشر المتخصصة في الإدارة الرياضية وضعف الوعي بأهمية البحث العلمي في تطوير العمل الرياضي وقلة الجهات الراعية للأحداث الرياضية، وعدم وجود لوائح وأنظمة وضعف التشريعات الخاصة بالرعاية وضعف الإنفاق المالي على البحث العلمي وعدم وجود متخصصين يقومون على إعداد الموازنات وقلة قواعد البيانات البحثية والتعقيدات الإجرائية السارية في بعض الجهات الحكومية للحصول على معلومات لدعم البحوث العلمية.
وفي ختام محاضرته عرض الدكتور ملفي عدداً من التوصيات من أهمها، ضرورة وجود مجموعات بحثية وفرق عمل وإنشاء مركز يُعنى بالإدارة الرياضية وتفعيل التعاون المشترك بين المهتمين في الإدارة الرياضية وتدشين اتحاد أو جمعية متخصصة وإصدار مجلة علمية وإقامة دورات قصيرة متخصصة في المجال.
الأمن الرياضي
عقب ذلك قدم الدكتور عبد الإله ساعاتي عميد كلية الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز محاضرته بعنوان ( الأمن الرياضي: أمن الملاعب والأحداث الرياضية)، حيث تحدث عن قضية الأمن التي تقلق القيادات في كل المجالات ومنها الرياضة، مؤكداً أن الأمن هو عصب الحياة ولا يمكن تحقيق التطور والازدهار في غياب الأمن، وقدم تعريفاً عن مفهوم أمن الملاعب واشتماله على التلاعب بالنتائج وظاهرة المقامرة في الدول الخارجية والفساد والتعاملات غير الأخلاقية وغير ذلك، وبيَّن أن أكثر من 1.520 فرداً توفوا بفعل شغب الملاعب في السنوات البسيطة الأخيرة.
وأوضح الدكتور ساعاتي أن هناك اهتماماً عالمياً بقضية أمن الملاعب وأن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا اتخذ إجراءات صارمة للقضاء على كوارث الملاعب الرياضية، وأنه مؤخراً قد تم إنشاء المركز الدولي للأمن الرياضي في الدوحة بدولة قطر الشقيقة وهو مظلة دولية لتقديم الأبحاث والتدريب في مجال الأمن الرياضي التي تصرف من أجلها مئات الملايين من الدولارات.
وبيَّن الدكتور عبد الإله أن ظاهرة الشغب في ملاعبنا السعودية محدودة ولكن المؤسسات الرياضية لدينا لا تستعين بالشركات المتخصصة لأمن الملاعب بعكس ما هو معمول في دول العالم.
وختم محاضرته بتقرير الاتحاد الدولي عن أمن الملاعب في المملكة الذي أكد على أن الملاعب السعودية لم تستوف الحد الأدنى من معايير السلامة وهناك مخاطر كبيرة لوقوع حوادث وعدم وجود أنظمة أو إجراءات مكتوبة ولم يعرف من هو المسئول عن أمن الملاعب هل هي الشرطة أم إدارة الملاعب ولا توجد غرف عمليات (مراقبة) ولا توجد مخارج طوارئ وإن وجدت فهي مغلقة وعدم وجود لوحات إرشادية وعدم استخدام أنظمة إلكترونية، وكلها أصبحت مطالب وتوصيات قدمها الدكتور ساعاتي في ختام محاضرته.
الاحتراف الرياضي
اختتمت الجلسة الثانية للندوة بمحاضرتين قيمتين، الأولى للدكتور سيف الإسلام بن جمعة أستاذ الإدارة الرياضية بجامعة باريس دوفين بعنوان (الاحتراف الرياضي: نظرة عالمية حول أكاديميات كرة القدم)، حيث قدم تفصيلاً عن الأكاديميات العالمية لكرة القدم وبدايات الاحتراف الرياضي العالمي في الدول المتقدمة مثل إنجلترا، وأوضح العديد من أنظمة استكشاف المواهب الشبابية ومدى حرص الدول العالمية على العناية بها منذ الصغر إلى حين انضمامها إلى الأندية الرياضية العريقة.
وجاءت المحاضرة الثانية للدكتور عدنان الخصاونة بعنوان (تجربة الماجستير في جامعة المؤسس في إعداد قادة التغيير لمجتمع رياضي منتج ومتقدم) حيث قدم لمحة عن الرياضة السعودية وقطاع الشباب الذي يشكّل أكثر من 60% من سكان المملكة، وقدم مبررات إنشاء برنامج الماجستير التنفيذي للإدارة الرياضية بكلية الأعمال بجامعة الملك عبد العزيز وأهدافه وأهميته وإشادات المسئولين به.
أهداف الندوة
وهدفت الندوة التي أُقيمت في سنتها الأولى، وستكون سنوية، إلى التعرف على الاتجاهات الحديثة في الإدارة الرياضية وطرق تطبيقها في مجال الاحتراف، والمساهمة في تحليل الواقع الرياضي للأداء الفعلي للمؤسسات الرياضية المختلفة في المملكة، ودعم النهوض بفكر التسويق الرياضي والتمويل، وقدمت مفهوماً شاملاً عن الاستثمار الرياضي، والحلول التطبيقية لبرامج الإدارة الذكية في المؤسسات الرياضية، ونظرة شاملة عن الأهداف المرجوة من خصخصة الأندية السعودية وتحويلها إلى كيانات تجارية، وذلك في ظل التعليمات الصادرة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والقاضية بتطبيق المعايير العالمية الحديثة في المجالات الرياضية بشكل عام، وتحديداً في كرة القدم.
وقد شهدت الندوة في مستهلها تكريم المتحدثين ورؤساء الجلسات بدروع تذكارية، وكرمت إدارة الندوة أيضاً الرعاة الإعلاميين لفعالياتها ممثلين في صحف الرياضي والجزيرة والمدينة وقناة لاين سبورت وإذاعتي روتانا إف إم و يو إف إم ومجلة الدوري الرياضية الإلكترونية.