لم تأتِ وصية البنك الدولي لدول العالم بالاستعداد المبكر لتقلب أسعار الغذاء عبثاً، فهي ترقب كما أرقب بوجل موجة الجفاف التي ضربت حقول محاصيل الحبوب في أمريكا، وانهيار جبال الثلج في القطب المتجمد الشمالي بسبب التغيّر المناخي، مما ينذر بحصول فيضانات ربما تؤدي لتلف المحاصيل الزراعية.
وبحسب (رويترز) تشير بيانات البنك الدولي إلى (ارتفاع مضطرد في تكلفة الغذاء الإجمالية) وهو ما يزيد نسبة التوتر، ويعيد للأذهان كارثة الغذاء في عامي2007 و2008م والتي أودت بملايين إلى هاوية الجوع ومستنقع الفقر، بعد ارتفاع أسعار الغذاء الذي جاء متزامناً مع تصاعد أسعار النفط، ولم يخفف منها إلا الأزمة المالية التي ضربت منطقة اليورو، مما حدّ من ارتفاع البترول نتيجة تباطؤ الطلب عليه.
وارتفع مؤشر الغذاء التابع لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بنسبة 6% في (يوليو 2012م) ليصل إلى أعلى من معدلاته خلال عام2008م! وهو ما سيقود بعض الدول الغنية للتهافت على شراء الأغذية بشكل مفرط، وسيقابله فرض حظر على تصدير المحاصيل الغذائية من البلدان المنتجة وزيادة الرسوم الجمركية، وهي عوامل ستفاقم من ارتفاع الأسعار كما حدث قبل أربعة أعوام، برغم محاولات البنك الدولي بتعزيز استثماراته في الزراعة حتى وصلت إلى 9.5 مليارات دولار سنوياً بدلا من 2.5 مليار في عام 2008م. ومنذ ذلك الحين تبذل دول العالم جهوداً لتحسين الإنتاجية وزيادة الاستثمارات الزراعية ولكنه دون المطلوب لاسيما في بلادنا الحبيبة. ولا شك أن استمرار مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ستزيد طالما ليس بوسعنا إنتاج مزيد من الغذاء وزيادة حجم المخزونات.
ولعلنا لا نندهش إذا علمنا أنّ عدداً من البلاد النامية ستكون أسعار موادها الغذائية المحلية أقل من أسعار الغذاء العالمية، حيث سيمكن للمستهلك الاعتماد على الغذاء المحلي فحسب ! بينما سيتركز الضرر لدى الدول غير المنتجة والمعتمدة على غيرها !
وليس من حل يلوح بالأفق إلا بسعي الحكومات للاعتماد على الإنتاج الزراعي الذاتي كملاذ فعال، ومساعدة المزارعين على تحسين محاصيلهم، فمع زيادة تقلب أسعار الغذاء يصعب على المزارعين تخطيط وتسعير محاصيلهم بشكل مناسب. مع ضرورة تطوير نظام شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الفقيرة من الجوع وسوء التغذية نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء.
أقول ذلك ونحن لازلنا نرى أغلب البيوت تقذف أكواماً هائلة من النفايات تحوي كميات مفزعة من الأرز، وأرغفة الخبز الكاملة، عدا اللحوم والأجبان والفواكه والخضار.
أفلا نستيقظ وندرك أنه ما جاع فقير إلاّ بسبب تبذير مسرف؟!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny