كنت أبحث عن بعض المقاطع في اليوتيوب التي تُوضِّح ما هو الإسلام، لجاري المتقاعد جون، وهو طيار سبق أن عمل في التدريب في المملكة العام 1970م، يحب الشعب السعودي ويحب القهوة العربيَّة، وإذا كان من الحبِّ ما قتل، فإن حبَّ السيد جون للقهوة العربيَّة قد أجهز على مخزوني القليل منها ومن التمر، مما جعلني أطلب المزيد من التموين والامداد! وجون مثل الكثير من الأمريكيين يجهلون الإسلام، بل إن لدى بعضهم تخوفًا منه ومن المسلمين، لأنّ الإعلام الأمريكي أوصل لهم مفهومًا خاطئًا إمّا بقصد أو من دون قصد! وفعل ذلك أيضًا بعض المسلمين، وللإرهابيين نصيبٌ في تشويه الإسلام.
جمعت للسيد جون عددًا من المقاطع (بعد أن طلب مني ذلك)كان أغلبها للشيخ العلامة والداعية العظيم الذي ناظر بالحكمة والحجة أساطين الغرب في كنائسهم، فنال إعجابهم بطريقة مجادلته لهم بالتي هي أحسن، إنه الشيخ أحمد ديدات -رحمه الله-، وهو هندي عاش في جنوب إفريقيا وليس عربيًّا ونصر الله به الإسلام في دول كثيرة أكثر مما يفعل بعض دعاتنا الفضائيين أصحاب الفتاوى والمقولات الغريبة! وبينما كنت أبحث وجدت مقطعًا مدهشًا، حيث كانت امرأة مسيحية أعتقد أنها تعمل في كنيسة وكانت تتحدَّث بما يشبه المؤتمر، لتعاتب أبناء قومها على معاداتهم للمسلمين وتدعو الأمريكان إلى التسامح الديني وأن يتركوا عاداتهم بتبجيل المسيحية واحتقار ما سواها من معتقدات دينية وبخاصة الإسلام وتدعو إلى أن يتوَّقف ذلك فورًا. قائلة ألا مبرر لهذا الشكِّ والخوف من المسلمين، وراحت تطرح أسماء إسلاميَّة بارزة من أساتذة جامعات ومدرسين وأطباء يشاركون المجتمع الأمريكي ويعملون بإخلاص وتفانٍ. ونددت بما كان يدعو له القس جونز بحرق القرآن الكريم، وأشادت بمعارضة الكثير من المسيحيين له، قائلة: إن ما يقوم به جونز ليس له علاقة بالسَّلام ولا ببناء جسور التفاهم والتواصل وقالت: لو كان عيسى بيننا فماذا سيقول للقس جونز. تحدَّثت عن النَّبيّ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم والمسلمين والقرآن بكثير من الاحترام والتبجيل وفسَّرت كلمة الإسلام تفسيرًا جميلاً. مثل هذه السيدة العظيمة الأخلاق والأمينة والحيادية والشاهدة بالحق، والحق هنا ليس ما شهدت به الأعداء كما يقال، فتلك السيدة دافعت عن الإسلام والمسلمين ولا يمكن بحال أن يقال: إنها عدوة! ومثل هذه الشخصيات المُؤثِّرة التي تصدع بالحق ولا تخاف فيه لومة لائم، أعتقد أن على المسلمين سواء في أمريكا أو خارجها شكرها على جهودها، وتقديم العون لها لكي يصل صوتها لأكبر قدر ممكن من الناس، فإذا كنَّا لا نستطيع مواجهة أصوات قنوات تلفزيونية مثل (الفوكس نيوز) وغيرها من الصحف والمجلات والكنائس المجحفة بحق الإسلام والمسلمين، فلماذا لا نساعد من نذر نفسه لمساعدتنا وإنصافنا، ومثل هذه السيدة ليست مضطرة إلى التصريح برأيها لولا شجاعتها وقناعتها بما تقول. بقي أن أقول: إنه إذا كان لدى الشعب الأمريكي بعض التصورات الخاطئة عن المسلمين فلدينا نحن مثل هذه التصورات الخاطئة، لكن الحقيقة أن الشعب الأمريكي بشكل عام ودودٌ ومحبٌ لمعرفة ما لدى الآرين وينصاع للحقيقة، محبٌ للحوار ويتعامل بصدق وأمانة حتَّى مع الغرباء، وإذا كان بن لادن والسيد بوش قد أفسدا العلاقة بين الشعوب فإن الفرصة ما تزال سانحة لبناء جسور من التواصل التي تبنى على الاحترام والتفاهم وليس العدائية!
alhoshanei@hotmail.com