قال موقع “كورييه جورنال” الأمريكي إن أمريكيا سرق، الاسبوع الماضي، بشكل انتقائي كتابا، من إحدى مكتبات (لويزفيل) بولاية (كنتكي) الأمريكية، عنوانه “حلّ المسائل الأخلاقية”.
الطريف والمثير للسخرية والاستغراب،معا،
أن سارق الكتاب الأخلاقي، حاول بيعه لمكتبة أخرى، مع أنه كان يجدر به أن يستفيد من محتوى الكتاب أخلاقيا، أكثر من أي قارئ آخر للكتاب.
عند الحركات الباطنية تتساوى الازدواجية مع “الحق” و”الحقيقة”. يتساوى العهر الفكري والسياسي والفعل الكلامي، أو الكلام الفعلي، مع الشعور بانتصار الأخلاق الإنسانية.
هذه الحركات التي “تُبشّر” بنقيض ما تفعل، وما تُريد، وتؤمن بيقين “إلهي!”، في أكثر الأحيان، أن التعامل بوجهين متناقضين، هو الذي ينبغي أن يتحكم بأفراد هذه الحركات، وأنه لم يعد في هذا العالم مقعد واحد لأهل الشفافية والوضوح العاري و”الوقاحة” (بلى. هم يُسمونها الوقاحة).
أليست انتهازية ورياء وخبثا، أن يلجأ نظام ولاية الفقيه، إلى حذف الترضّي على الخلفاء الراشدين: أبو بكر وعمر وعثمان فقط، والإبقاء على اسم علي، رضي الله عنهم أجمعين، في الترجمة الفارسية لخطاب الرئيس المصري محمد مرسي، أمام مؤتمر عدم الانحياز؟.
ألا تفضح هذه الانتهازية المريضة بالسخف والضعف شعور النظام الإيراني بهشاشته، وبتآكله عند أبناء الشعب الإيراني، وكأنه يريد أن يقول لهذا الشعب إن مبادئ العالم كله أضحت صدى وترداداً لمبادئ الثورة الخمينية؟.
النظام الإيراني يُهدّد ويتوعّد، يوميا، الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن اُفولها بات حتميا، بصواريخه وأسلحته، فائقة الدقة، التي يصل مداها إلى شواطئها.
لكنه، في الوقت عينه، وافق، في بيان مؤتمر عدم الانحياز الختامي بطهران، على نص دعوة المؤتمر إلى عقد مؤتمر حواري عسكري (لاحظوا: عسكري) بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظام الأسد، لإنهاء الأزمة السورية، قبل أن يستنزف النظام الإيراني كلّ إمكاناته العسكرية والمالية في الدعم العقائدي غير المحدود لنظام الأسد.
أي باطنية، أي ازدواجية، أي خبث، أي رياء، أي وباء، أي هزيمة تعتري عالم الأخلاق والقيم عند نظام ولاية الفقيه في قم وطهران، الذي يسعى الآن، بعد أن فشلت كل محاولات انبطاحه للتفاهم مع واشنطن، لدفع النظام السوري إلى أحضان واشنطن، لعل ذلك يُمهّد له الطريق إلى موافقة واشنطن على استلقائه هو بدوره في الأحضان الأمريكية، فتعترف هذه بنفوذٍ ما لنظام ولاية الفقيه في المنطقة.
هل يُريد نظام ولاية الفقيه في قم وطهران أن تحكم العالم حفنة من الكذابين والانتهازيين والسارقين، وذوي الوجهين، ليصبح هذا العالم محكوما من رقبته بسلطة أولئك “الأخلاقية”؟.
بالتأكيد يعرف النظام الإيراني أين يخفي ذاك الأمريكي كتاب “حل المسائل الأخلاقية” الذي سرقه من إحدى المكتبات، ويعرف بالتالي لم حاول بيعه لمكتبة أخرى.
لكن العرب، ومواطني دول الخليج العربي خاصة، لن ييأسوا من الحلم بإيران إسلامية الأخلاق، لن تسرق كتاب “حلّ المسائل الأخلاقية”، ولن تبيعه، بعد أن يرحل عنها “ذوو الوجهين”.
Zuhdi.alfateh@gmail.com