قرأت بالعدد رقم (14563) الأحد 24 رمضان 1433هـ الخبر المنشور بالصفحة رقم 5 بعنوان (هيئة مكافحة الفساد أسلوب وزارة الصحة لا يقود إلى إصلاح الأوضاع ومعالجة القصور والإهمال) ومضمون الخبر أن مصدراً مسؤولاً في هيئة مكافحة الفساد علق على ما أدلى به المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور طه مليباري من أن الوزارة تتعامل بشفافية مع مكافحة الفساد وأن الرد منوط بإدارات المناطق، وقد بينت الهيئة أنها منذ مباشرة اختصاصاتها كشفت ووقفت على العديد من المخالفات والتقصير والإهمال في مخالفات الجهات الحكومية، وقد دأبت في هذا الشأن على الكتابة للوزير والمسؤول الأول في الجهة...إلخ، وهنا نشكر هيئة مكافحة الفساد على جهودها المتواصلة للكشف على المخالفات والفساد الإداري في القطاعات الحكومية، والذي يدخل من ضمن صميم عملها كجهاز متخصص عن مكافحة الفساد الإداري، وقد لمسنا ذلك في المشروعات التي تنفذها القطاعات الحكومية حيث وضعت كل إدارة تقوم بتنفيذ مشروع، لوحة واضحة المعالم توضح اسم المشروع، ومدة التنفيذ وتكلفة هذا المشروع، وتاريخ الانتهاء منه، وهذه الخطوة تسجل ضمن إنجازات هيئة مكافحة الفساد، خاصة وأن أغلب المشروعات التي كانت تنفذ في السابق كانت شبه غامضة المعالم لا يعرف اسم المشروع، أو مدة التنفيذ، ولكن هذه الخطوة ربما تفيد المواطن والفساد الإداري متفشي في أغلب القطاعات الحكومية، والمواطن متذمر من البيروقراطية التي يتعامل بها بعض المسؤولين في الدولة من وزراء، ووكلاء وزارة، ومدراء عامين، فأين هيئة مكافحة الفساد عن ذلك، معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد لا نشك في الدور الهام الذي تقوم به هيئة مكافحة الفساد لمكافحة الفساد الإداري وإصلاح الخلل الموجود في أغلب القطاعات الحكومية، والآمال التي يتطلع لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله من هذه الهيئة في معالجة الخلل والإصلاح لخدمة المواطن آمال كبيرة، ولكن يا معالي الرئيس ومن خلال متابعتي البسيطة لدور هيئة مكافحة الفساد للفترة الماضية وجدت أن الهيئة تركز في دورها على مكافحة الفساد الإداري على وزارة الصحة فقط، والدليل التراشق الإعلامي الذي يظهر ما بين وقت وآخر ما بين هيئة مكافحة الفساد ووزارة الصحة فكل جهاز من هذه الأجهزة يدلي بما لديه من معلومات والمواطن ضحية هذه البيانات الإعلامية والتي لا تهمه في شيء، فالمواطن يبحث عن إصلاح الخلل ولا يبث عن بيانات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع تظهر عبر وسائل الإعلام، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن تعالج هذه المشاكل بنوع من الحكمة والبصيرة مع المسؤول الأول في الوزارة مباشرة، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد عدم نشر مثل هذه الاتهامات عبر وسائل الإعلام حتى لا تتحول هيئة مكافحة الفساد من هيئة متخصصة لمعالجة الفساد الإداري إلى هيئة متخصصة في كشف الفضائح، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن لا تركز على جوانب المشروعات فقط وأن تتجه إلى معالجة الفساد الإداري الذي يتعرض له المواطن يومياً عند مراجعته لأي قطاع خدمي، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن لا تركز على وزارة الصحة فقط وتترك القطاعات الحكومية الأخرى تسرح وتمرح دون رقيب، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن توضح المنهجية التي تتعامل معها في الكشف عن الفساد الإداري في القطاعات الحكومية، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن تنشئ لجاناً متخصصة داخل الهيئة تتولى متابعة الفساد الإداري في كل جهة حكومية وفق منهجية واضحة المعالم للمواطن، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد بأن تدلي برأيها حول الأنظمة والتعليمات الموجودة في بعض القطاعات الحكومية الخدمية والتي عفا عليها الدهر، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن تقوم بمعالجة وإصلاح بعض الأنظمة واللوائح التي تحتاج إلى تعديل بالتنسيق مع مجلس الشورى وجمعية حقوق الإنسان، كنا نتمنى من هيئة مكافحة الفساد أن تسعى إلى تحديد صلاحيات كل جهة إدارية مثالا على ذلك هيئة حقوق الإنسان تستقبل قضايا الفساد الإداري، مجلس الشورى يستقبل قضايا الفساد الإداري، وهناك جهات أمنية تستقبل قضايا الفساد الإداري، وأصبح المواطن تائهاً ما بين هذه الجهات ولا يعرف من هي الجهة التي تتولى مكافحة الفساد الإداري.
معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد تصور عندما يتجه مواطن إلى إحدى القطاعات الحكومية الخدمية ويرغب في مقابلة مسؤول هذا القطاع يجد صعوبة في ذلك بسبب أن هذا المسؤول مشغول بكثرة الاجتماعات أو حضور المناسبات، وعندما يتجه مواطن لديه شكوى ضد موظف أو يعرض مشكلته لدى مسؤول ماذا يتخذ هذا المسؤول يأخذ المعروض ويكتب عليه (الإدارة الفلانية) يحيلك إلى نفس المسؤول أو الموظف الذي تشتكي منه.
معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد، إن مكافحة الفساد الإداري لا يحتاج إلى رقابة إدارية بقدر ما يحتاج إلى رقابة الهيئة وأن يعي هذا المسؤول حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وأنه وضع لخدمة المواطن وتذليل العقبات التي تواجهه بكل يسر وسهولة وفقا لتوجيهات قيادة هذه البلاد وأن يتعامل المسؤول مع الجميع بما يدعونا إليه ديننا الإسلامي الحنيف الذي دعانا أن تتعامل مع الكبير والصغير بالابتسامة والتواضع والحلم والحكمة وأن نقضي حوائج الناس. فأين هيئة مكافحة الفساد عن المسؤولين المتخفين عن مقابلة الجمهور وأين هيئة مكافحة الفساد عن المسؤولين الذين يحتكرون الصلاحيات لأنفسهم، أين مكافحة الفساد عن المشاكل التي يعيشها بعض المظلومين من بعض الأنظمة والتعليمات التي تطبق بحقهم دون رحمة أو مخافة من الله، وأين هيئة مكافحة الفساد عن هموم موظفي الدولة المظلومين والمسلوبة حقوقهم، وأين هيئة مكافحة الفساد عن النقص الذي تعاني منه بعض القطاعات الحكومية، فهل يأتي يوم ونرى هيئة مكافحة الفساد تخدم الكبير والصغير وأصحاب الحاجات وتعالج المشاكل، وأن يكون لهذه الهيئة دوراً يهابها كافة المسؤولين في الدولة.
خالد سعيد المدني - المدينة المنورة