فاصلة:
(لكم هو سهل سحق الحرية الداخلية للإنسان باسم الحرية الخارجية)
رابندرانات طاغور
لم أقرأ كتاب «تحرير المرأة في عصر الرسالة» للأستاذ عبدالحليم أبو شقة، ولست ضليعة في علوم الشريعة حتى أقارع الحجّة بالحجّة لكن يكفي أني مسلمة أقرأ القرآن وتفسيره وأبحث حول ضعف إسناد بعض الأحاديث النبوية وصحتها لأستطيع أن أعيش حياتي بكل مفرداتها وفق راحة الضمير.
إنما من الطبيعي أن يحدث لغط في الساحة الفكرية الدينية، أيّ كتاب يتحدث حول قضايا المرأة ويميل إلى إعطاء المرأة مساحة من الحرية في المجتمع على كافة الأصعدة.
ليس فقط هناك تيار محافظ من طلبة العلم والمشايخ ينظرون إلى المرأة بصورة تقليدية، بل هناك عدد من المثقفين والمثقفات يفعلون ذلك، ولهذا وقعت المرأة في أكثر من شباك يقيّد حريتها الذي منحها لها الإسلام ككائن إنساني مستقل وليس عبداً لأيٍّ من كان.
الإشكالية أصبحت في محاولة حجب العلم والمعرفة في قضايا المرأة ولذلك كان ذلك الكتاب ممنوعاً لسنوات لدينا ولا أعلم إن كان ما يزال كذلك؟.. ولذلك أيضاً هاجم الكثير في تويتر الشيخ سلمان العودة حينما أثنى على الكتاب.
للأسف رغم أننا في زمن المعلومة التي لا تُحجب أبداً، بل على العكس إن حاولت حجبها فهي تنتشر عبر شبكة الإنترنت بشكل سريع، ومع ذلك فمازال لدى البعض توجّس من أن نعرف أكثر.. من أن نتعلّم أكثر
وكأننا نحمل ديننا على أكفّنا مخافة أن يسقط على الأرض فيتحول إلى شظايا وكأن إيماننا بالله ورسوله متوقف على ما تلقيناه من علم في مناهج المدارس والجامعات وبعدها أقفلنا عقولنا على تلك المعلومات.
عقل الإنسان لا يتوقف عن الأسئلة التي لا يجيب عليها إلا المعلومات التي تحث العقل على التفكير والتأمل وزيادة اليقين في القلب.
تغيّر العالم كثيراً وولد جيل لا يشبهنا، ولا يقتنع بمبرارات لا تقنعه ولا يخاف كما كنّا نخاف لأنه لم يقفل عقله بينما ما زلنا خائفين من كتاب ما أو معلومة ما، ونحاول أن نكمم أفواه من يسأل أو يستفسر.
حان الوقت لنعترف بأن الجهل هو تقديس العلماء مع أنهم بشر وتقديس المعلومات مع أنها قابلة للتحليل والتحللّ مع أنه لا تقديس إلا للقرآن الكريم وأحاديث رسولنا الصحيحة.. واحترامنا لطلبة العلم ومشايخ الدين بسبب جهودهم في البحث إنما لا سلطان لهم على عقولنا الحرّة.
nahedsb@hotmail.com