في أرض المطار القديم في جدة يشهد عشاق الكلمة الطيبة والفكرة النيرة والنشاط المنوع من أهل جدة مهرجاناً سنوياً متألقاً بدأ منذ سنوات عشر، واستمر في عطائه السنوي الذي يتفاعل معه الآلاف من سكان جدة، وكلمة الآلاف هنا تعبير عن الواقع وليست من باب المبالغة، فالمهرجان الذي كان يسمى المخيم الدعوي ثم تغير ليحمل اسم ملتقى المدينة الشبابية يشهد حضوراً قد يصل إلى عشرين ألفاً لأنه يقدم للناس مادة منوعة ثقافية اجتماعية أدبية رياضية تدريبية ولأنه يعنى بالأسرة رجالاً ونساء وأطفالاً فهنالك صالة ضخمة للنساء وألعاب متميزة للأطفال وقاعات للدورات التدريبية وملاعب كرة القدم والسلة والطائرة للشباب وحفلات إنشاد محاضرات وندوات وأمسيات.
سعدت بلقاء جمهور الشعر في إحدى ليالي هذا الملتقى الكبير مساء الأحد 8ـ10ـ1433 ويا له من لقاء جميل مع جمهور يمثل الأعمار كلها من طفل وفتى وكهل وشيخ كبير، وهو مع هذا التنوع جمهور متذوق.. فالمتحدث المتمرس يستطيع أن يعرف مستوى الجمهور الذي أمامه، سلم علي بعد الأمسية صبي في العشرة من عمره وقال لي: أنا أحفظ لك بعض القصائد التي أنشدت وذكر لي قصيدة «كتبنا بالدم الغالي بياناً» وقصيدة أنشدها الأخ عبدالله المهداوي أخيراً عنوانها «أيا مصر».. وعلمت أن أسرته كاملة تحضر يومياً إلى مقر الملتقى. سبقني في ليلة الأمسية الشيخ أنس بن سعيد بن مسفر من بعد العشاء إلى العاشرة، حيث بدأت الأمسية والحضور هو الحضور تمتلئ بهم القاعة.
الشيخ أحمد الحمدان أحد رجال الدعوة هو وثلة من الدعاة صاحب فكرة هذا الملتقى الذي استمر على مدى عشرة ملتقيات قوياً فاعلاً مفيداً، وقد رأيته ومعه مدير الملتقى ومجموعة من العاملين مندمجاً معهم منطلقين في الميدان يتابعون ويسددون ويقاربون.
لقد شعرت بقوة روح الإخاء بين المسلمين حينما ألقيت بعض القصائد عن سوريا وجرحها الدامي وتجسد أمامي وأنا أرى تفاعل الناس مع إخوتهم في سوريا قول الرسول صلى الله علي وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ملتقى المدينة الشبابية في جدة ملتقى جميل وهو ليس وحده في هذه المدينة الكبيرة، بل هناك مهرجان اسمه مهرجان البحر يقام في وقت آخر في منطقة (أبرق الرغامة) شرق مدينة جدة.
تحية للقائمين على هذه اللقاءات التي تستثمر أوقات الإجازات فيما يفيد وتحية للجهات الحكومية المتعاونة معها وللشركات والمؤسسات الراعية لها.
إشارة:
كم لقاء به تسر القلوب .. وبأنواره تضاء الدروب