بنى نظام الملالي في طهران آمالاً كبيرة على مناسبة عقد مؤتمر القمة السادسة عشرة لحركة دول عدم الإنحياز في طهران، بهدف تحويله إلى (حفل برتكولي) يكسر حاجز العزلة الذي فرضه المجتمع الدولي على النظام القمعي والإرهابي الذي يرتكب يومياً العديد من الجرائم في حق الشعوب الإيرانية والدول المجاورة، ويعادي الأسرة الدولية.
هلل جماعة خامنئي في طهران وفي بؤر الارتزاق الإعلامي في بيروت ودمشق وبغداد بعد قبول الرئيس المصري محمد مرسي والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون الدعوة الموجهة لهما لحضور القمة، ومع أن الرجلين حضرا إلى طهران لأن الأول ترأس بلاده القمة في دورتها المنصرمة وحضوره واجب برتكولي قام به الرئيس المصري على أحسن ما يكون، وأن الأمين العام للأمم المتحدة ما كان سيتأخر عن مؤتمر تحضره 120 دولة، إلا أن نظام الملالي أراد أن يصور مشاركتهما انتصاراً، وأنه سيعمل على كسر العزلة المضروبة عليه.
الرئيس محمد مرسي كان نجم الجلسة الافتتاحية، فقد تكلم بما يملي عليه ضميره وواجبه القيادي بوصفه رئيس القمة الذي سيسلم المسؤولية لمن يخلفه، فكان أن سلط الضوء على ما يجري في سورية، وتحدث عن نظام بشار الأسد الظالم لشعبه، والذي يواصل ارتكاب القتل والمجازر، مطالباً بأن يحقن دماء الشعب السوري ويسرع في إيجاد حل سياسي، وأن تستمع القيادات لصوت الشعوب ورغبتها في تحقيق العدالة والكرامة والديمقراطية.
أما بان كي مون فقد وجَّه لطمة مباشرة لخامنئي ونجاد وصحبهما عندما طالبهم بالاستماع إلى صوت شعبهم.
مفاجئة مرسي ومون وقعت على رؤوس أركان النظام الإيراني وقع الصدمة التي لا تُرد ولا تُصد، مما دفع الإيرانيين إلى ارتكاب فضيحة سياسية وإعلامية مدوية بتزوير فقرات رئيسة من خطاب الرئيس محمد مرسي، حيث تلاعبوا في الترجمة الفورية لخطابه من العربية إلى الفارسية، بإدخالهم إلى النص اسم مملكة البحرين بدلاً من سورية في حديثه عن الثورات العربية، كما أن الرئيس المصري رفض (السلام) على مرشد الإيرانيين وفق الترتيب الذي يقيمه الإيرانيون لكل من يزور طهران، حيث يتعمدون وضع المرشد على كرسي مرتفع ويضعون الضيوف على كراسي أوطأ، هكذا فعلوا مع نوري المالكي وجلال الطالباني وبشار الأسد، لكن مرسي رفض ذلك واكتفى بالسلام عليه وقوفاً عند منصة الافتتاح، وهو ما جعل أتباع المرشد يخرجون عن اتزانهم الدبلوماسي ويصفوا الرئيس المصري بقلة الخبرة..!!
الرئيس محمد مرسي قام بما يجب أن يقوم به كرئيس دولة مهمة وقائد لشعب يقود ثورة ترفض الخضوع، ولا يمكن أن يكونوا امتداداً لفكر ونظام يضطهد الشعوب الإسلامية وينشر الفتنة في الوطن الإسلامي. وقد كشفت الزيارة أن هذا النظام لا يتوانى عن القيام بكل شيء لتمرير مخططاته حتى ارتكاب أفعال مشينة، مثل التزوير في فقرات خطاب رسمي استمع له الجميع مباشرة من فم قائله، وهو ما يظهر للمصريين جميعاً خطورة التعامل مع مثل هذا النظام، وأن يكونوا حذرين عند إعادة العلاقات الدبلوماسية معه.
jaser@al-jazirah.com.sa