منظمة أو حركة عدم الانحياز أُريد لها أن تكون خياراً ولو شكلياً للضعفاء، خارج التجاذب بين الغرب والشرق (الاتحاد السوفيتى السابق)، ورغم شبهات وأهواء الانجذاب المبدئ للسوفيات حينها، إلاّ أنّ العالم تغيّر وعدم الانحياز لم تقدم في تاريخها ما يُذكر، فيما طهران حلمت بتحويلها لمنظمة تستجيب لأجندتها في مواجهة “ الشيطان الأكبر” وقوى الاستكبار العالمي، إيران تعتقد أنها أصبحت قطباً، فيما هي لا تتجاوز كونها مشاغباً!
لكن القصة الأهم في القمة جاءت من الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي الذي تحدث في أول خطاباته السياسية الخارجية من طهران بعزيمة جديدة لمصر، خطاب لاقى ترحيباً كبيراً من خطيب متمكن، - وفي العادة هذا ما يحتاجه الجمهور العربي، خطيب جيد!
موقف السياسية المصرية الجديدة والقوى في الأزمة السورية، ومن طهران يؤكد النظرية السياسية بقدرة أحزاب الإسلام السياسي على مواجهة قوية في وجه الأطماع الإيرانية، ناهيك عن تغيُّر المعادلات التقليدية في صراع الشرق الأوسط، بما فيها شرعية لصالح السلام في المنطقة..
لكن الأكيد أنّ حديث مرسي عن سوريا بعد أقل من 24 ساعة من حوار الأسد مع قناة الدنيا السورية التابعة للنظام، أثبت عمق الفجوة بين الواقع وخيال بشار، فجوة يستحيل ردمها!
فالرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته في حربه التي يخوضها لإخماد الانتفاضة المستمرة ضد حكمه منذ 17 شهراً والتي قتل خلالها نحو 20 ألف شخص، كما قال الرئيس المصري.
حوار بشار الأخير قد يكون جيداً لو سمعناه قبل أربعين عاماً، لكن والنصف الآخر من الشاشة ينقل في الوقت ذاته الموت والسحق الذي يمارسه نظامه وقواته فيما هو ينظر بانفصال تام عن الواقع، فنحن بالتأكيد أمام رجل - نظام - ميت، كما لم يَعُد رئيس دولة، وإنما رئيس تنظيم مسلح يسميه جيشاً، يعتقد بأنّ الانشقاقات الكبيرة والمتنوّعة التي حصلت في نظامه هي “عملية تنظيف ذاتية” للدولة والوطن..!
تأكيدات أن بشار سفاح يستهوي العنف، ومستعد لقتل المزيد من الشعب الآن وغداً، ففي تنظيره يتحدث عن أزمة ستزول لكنه يحتاج لوقت أطول، أي قتل المزيد من الشعب.
وهو ما جعل الرئيس المصري يدعو إلى التدخل لوقف إراقة الدماء في سوريا، وقال أمام اجتماع قمة حركة عدم الانحياز في طهران الذي تحضره 120 دولة، إنّ من واجبهم التصدي “للنظام القمعي”.
إلاّ أنّ الوفد السوري انسحب، واتهم وزير الخارجية السوري الرئيس المصري الإسلامي بالتحريض على إراقة مزيد من الدم في سوريا!
فيما الطائرات السورية المقاتلة والمدفعية إلى جانب استهدافها للمعارضة الشعبية، قصفت أيضاً عشرة مخابز على الأقل في حلب وقتلت عشرات الأشخاص، بينما كانوا ينتظرون في صفوف للحصول على الخبز .. قالت هيومن رايتس!