يغلب ظني أن خبر تقديم الدكتور عبد العزيز بن نخيلان الشمري استقالته (أو طلب إعفاء) من منصبه مديراً لمستشفى حائل العام واستمراره طبيباً مقيماً، الذي نشرته بعض الصحف المحلية يوم الأحد الثامن من شوال 1433هـ (26 أغسطس 2012م)،
قد تصدر حيزاً مهماً من المشهد الإعلامي والنشر الإلكتروني المحلي، خصوصاً أن الدكتور النخيلان - حسب حديثه لبعض الصحف - أرجع دافع الاستقالة (الإعفاء) إلى الخطأ الطبي، الذي أودى بحياة جنين وإصابة أمه بالفشل الكلوي نتيجة نقل دم، وأنه لا يستطيع تحمل أوزار المرضى، مشيراً إلى النقص الشديد في الكوادر الطبية بالمستشفى، كما برر طلب الاستقالة أو الإعفاء بالاحتجاج على تجاوزات غير مقبولة من قبل مديرية الشؤون الصحية بحائل، والتدخل غير المبرر من قبل إداراتها الإشرافية، وعدم تعاون المديرية بشأن تنفيذ المشاريع وأعمال الصيانة والترميم الخاصة بالمستشفى، التي وجّه بها وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة إبان زيارته لحائل قبل أكثر من عام.
أصداء استقالة أو إعفاء النخيلان لنفسه لازالت تتردد في الصحافة المحلية، ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب مجالس منطقة حائل الاجتماعية ودواوينها الشبابية (الشبات)، فضلاً عن تردد هذه الأصداء في أروقة مديرية صحة المنطقة حتى وصلت إلى الوزارة فكان تلك الاستقالة أو الإعفاء طرف حديث وزير الصحة في مؤتمره الصحافي، الذي عقده يوم الأحد 26 أغسطس 2012م، حسب ما نشرته (الجزيرة) في إصدارها لليوم التالي للمؤتمر.
هنا لا يعنيني الخطوة الشجاعة التي قام بها الدكتور النخيلان، خاصةً في مجتمع لا يعرف ثقافة استقالة المسئولين عند الخطأ أو التقصير أو العجز الإداري، كما لا يهمني تلك الأحاديث التي طارت في أجواء خبر طلب الإعفاء بأنه حركة استباقية قام بها الدكتور عبد العزيز النخيلان بعد تسريبات عن تغييرات إدارية محتملة تشمل بعض مديري المستشفيات بالمنطقة، أو أنه هروب ذكي من تحمل طائلة الأخطاء الطبية بالخروج من المسئولية المترتبة عليها عقب كارثة نقل الدم، كل هذا لا يعنيني سواءً بصحيحه أو سقيمه، كون مشكلة الخطأ الطبي عن نقل الدم لازالت في طور التحقيقات. ومسألة التغييرات الإدارية تدخل في إطار دفع كرة المسئولية وتسجيل المواقف! كما أن تلك الخطوة وإن اعتبرت شجاعة فقد جاءت متأخرة!
لكن ما يهمني هنا هي الرسالة المختلفة التي بدت بين سطور قضية الاستقالة (الإعفاء)، كونها كشفت عن نمط جديد ومغاير في التعاطي مع خدماتنا الصحية، سواءً في طريقته أو طبيعته، فبالأمس كانت الشكوى من تردي الخدمات الصحية لا تصدر إلا من المواطن الغلبان أو المريض الضحية، وكان المسئول أول من ينفي أو على الأقل يُبرر الإخفاق أو في أحسن الأحوال يعد بالتحسين، أما اليوم فقد وصل سوء الحال إلى المسئول ذاته، فصار يتبنى موقف المواطن ويتحدث بمنطقه، ونحن نعرف أن المسئول هو أقرب الناس إلى الواقع الفعلي وأكثرهم معرفةً بالنقص والقصور المؤدي لتردي تلك الخدمات الصحية، أو العوامل الحقيقية المسببة للأخطاء الطبية، ما يعني أن وزارة الصحة صارت في مواجهة مع نفسها، وأن حالها صار يصعب حتى على مسئوليها أو منسوبيها وليس مراجعيها فقط. فهل يكون إعفاء النخيلان لنفسه أو قيام غيره من مسئولي الصحة بهذا السلوك عاملاً مساعداً في دفع الوزارة إلى العمل بشكل أفضل لتحسين خدماتها أم يتم لملمة أوراق القضية وكأن شيئاً لم يكن على مقولة (زيتنا في دقيقنا)؟!.
kanaan999@hotmail.comتويتر @moh_alkanaan