أثارت قضية طلب مدير مستشفى حائل العام الدكتور عبدالعزيز النخيلان إعفائه وتكليف آخر بسبب ما ذكر بشأن وجود بعض القصور في العمل الإشرافي والمهني في عمله، فرصةَ إمكانية قيام المديرين والمسؤولين بطلب الإعفاء من تحملهم المسؤولية وليس
استقالتهم من أعمالهم، وهذا الأمر يعد تغيراً جديداً على خارطة التوجه الإداري في الجهات الحكومية، إذ من المتعارف عليه أن الكثير يسعى من أجل تلك المناصب الإدارية ويبذل الغالي والنفيس في سبيل الحصول عليها.
وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تساهم في تقديم المسؤولين لطلبات الإعفاء من مناصبهم، من ذلك عدم الانسجام في بيئة العمل سواء من ناحية المعاملة التي يتلقاها من قبل المشرفين أو طريقة العمل أو حتى أسلوب وعادات الموظفين، وكثيراً ما يحدث هذا الأمر للمديرين الذين يتم نقلهم من بيئة إلى بيئة أخرى، إذ يشعر المدير المكلف وكأنه شخص غريب بين مجموعة قد تسعى إلى تطفيشه ودفعه لطلب الإعفاء والبحث عن بيئة عمل أخرى.
كما أن بعض التكليفات الإدارية لا تتوازى مع حجم الدخل المادي الذي يلقاه المسؤول، فهو يتحمل مسؤوليات إضافية ويبذل جهداً مضاعفاً وذلك على حساب وقته وصحته ومع ذلك لا يكون لهذا الأمر أي تقدير مادي بل يكتفى بحمل المسمى ولا يحمل الحوافز التابعة له وقد يشعر المسؤول أن هذا الأمر لا فائدة منه فيتقدم بطلب الإعفاء.
ويسعى بعض المسؤولين للتقدم بالإعفاء إن وجد أن وجوده كعدمه، فهو موجود لغرض أن يسد فراغ إداري في الهيكل التنظيمي ولكن على مستوى الإنجاز والتطوير وتحقيق الأهداف فلا شيء يذكر، فهو لا يملك صلاحيات ولم توضع له أي خطط لتحقيقها.
وآخرون يتقدمون بطلب الإعفاء لشعورهم أنه لا يوجد تقدير أو احترام لشخصياتهم أو لما ينجزونه من أعمال وما يحققونه من نتائج، فهم مهما حققوا من إنجازات كبيرة فهي لا تجد أي تقدير أو شكر من قبل الإدارة، ولا يوجد أي نوع من أنواع التحفيز التي يمكن أن تساهم في استمرارهم في أداء مهماتهم وتحمل مسؤولياتهم.
ومن أكثر ما يتردد من أسباب لطلبات الإعفاء هو سعي المسؤولين لراحة البال والبعد عن التوتر والشحن الذي يصادفونه في بيئة العمل إضافة، إلى انعدام الثقة أحياناً بين المسؤول وإدارته، وإخفاء الإدارة العديد من أسرار العمل على المسؤول مما قد يوقعه في كثير من الإحراجات أثناء عمله بل وأحياناً ارتكاب بعض الأخطاء، كما أن مثل هذه الضغوط المتواصلة تلجأ المسؤول إلى البقاء وقت أطول في العمل رغبة في السعي نحو تحسين الوضع مما يجعله يعيش في بيئة من التوتر والقلق الدائم.
أما بعض المسؤولين فتجده أثناء عمله قد كسب خبرة معينة في مجال ما وتمكن من ادخار رصيد مالي يمكنه من افتتاح عمل تجاري خاص به فهو يتقدم بطلب الإعفاء لشعوره أنه أصبح قادراً على أن يتولى إدارة علمه الخاص الذي سيحقق له دخلاً أفضل من دخله الحالي من خلال عمله في المنصب الإداري الذي يشغله.
ومع تعدد أسباب طلبات التقدم بالإعفاء من المسؤوليات أو المناصب فإن البعض يلجأ إلى أسلوب الدعاية والإعلان عن هذا الإعفاء سواء من خلال إرسال بيانات صحفية تتعلق بطلبه للإعفاء وفي بعض الأحيان مؤتمر صحفي، في حين يكتفي البعض بإرسال طلبه لإدارته في تكتم وبسرية بحيث يكون إنسحابه بهدوء ولا يعلم به أحد إلا بعد خروجه من منصبه.
إن الرغبة في الإعفاء من المسؤولية قد يكون إيجابي إن ساهم في تحقيق خدمة ومنفعة للمجتمع بحيث يتم تغيير المسؤولين لتحسين وتطوير العمل وقد يكون سلبياً من خلال هدر الاستفادة من الكفاءات الوطنية أو التهرب من المسؤولية أو الرغبة في تحقيق ضجة إعلامية.