ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 31/08/2012 Issue 14582 14582 الجمعة 13 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هو رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي، صحابي جليل، ومن أصغر الصحابة، حيث رده رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يوم بدر لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد، فشهدها وشهد الخندق، وأكثر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أصابه يوم أحد سهم في ترقوته، وقيل في تندوته.

والتندوه للرجل كالثدي للمرأة، فنزع السهم وبقي النصل، إلى أن مات في عام 74هـ وهو ابن ست وثمانين سنة، مما يدل على أن ولادته عام 12 قبل الهجرة (أسد الغابة 2 : 190) كانت له مكانة في قومه، إذ كان عريفهم بالمدينة، وقيل إنه لما حان أجله، انتقض جرحه، فمات في عهد عبدالملك بن مروان، ويكفيه مكانة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له لما أصابه السهم، في وقعة أحد، وبعدما بقي النصل في لحمه: “أنا أشهد لك يوم القيامة”، وأنعم بها من شهادة يؤديها أكرم الخلق على الله، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

وكان رافع رضي الله عنه، يمثل النموذج من شباب الصحابة، الذي كانوا يحرصون على العمل الصالح، ليجمعوا بين الجهاد والعبادة، وطلب العلم والحرص على القدوة الصالحة، كما روي عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: كنا نغزو ندع الرجل والرجلين، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنجيء من غزاتنا، فيحدثونا بما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحدث به ونقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا (في كنز العمال 5 : 240).

ذلك أن هذا الذي وقر في قلوبهم، قد ذاقوا طعم حلاوته، فانعكس على أعمالهم وتصرفاتهم، توافقاً للعمل من أجل رفعه وتبليغه، مع الاهتمام بالجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمته سبحانه، وحرصا بالتفقه في دين الله، ومواظبة على تبليغ وتطبيق ما وعوه من علم، وما عرفوه من أحكام أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني ولو آية” ولما روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضياع وأشغال، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ، فيحدث الشاهد النائب، رواه الحاكم في مستدركه، وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

قال عنه الذهبي روى جماعة أحاديث، وكان صحراوياً عالماً بالمزارعة والمساقاة، حدث عنه: بشير بن يسار، وحنظلة بن قيس، والسائب بن يزيد، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد ونافع العمري، وابنه رفاعة بن رافع، وحفيده عباية بن رفاعة (سير إعلام النبلاء 3 : 182).

لكن الزركلي في الأعلام، خصص عموم الذهبي، عن جملة الأحاديث التي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: روى له البخاري ومسلم ثمانية وسبعين حديثا، (الأعلام 3 : 35).

وكان عبدالله بن عمر، ورافع بن خديج يعدان من فقهاء الأحداث، قال ابن سعد في طبقاته، بسنده عن زياد بن ميثاء، أنه قال: كان ابن عباس وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة وعبدالله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبدالله ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، مع أشباه لهم، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يفتون بالمدينة، ويحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من لَدِن توفي عثمان إلى أن توفوا رضي الله عنهم. (2 : 372).

وثبت أن رافع بن خديج، كان يغتر في زمن معاوية، وبعده وكانت أخلاق العلماء، تتمثل فيهم من حيث التواضع والتأثم عن كتمان العلم، والاعتراف لكل إنسان بمكانته، فقد روى ابن سعد، أن رافع بن خديج قال: لما مات ابن عباس رضي الله عنهما، مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم (2: 372).

وقد اعتبره الكتّاني في معجمه، من فقهاء الصحابة وأورد له مسائل كثيرة، كما اهتم كثير من الفقهاء به. فقهاً وعلماً، حتى أن ابن قدامة في كتابه المغني، اعتبره صاحب مذهب، وأورد في استشهاداته من فقهه، ما يقرب من ثلاثين شاهدا، بل إن جنازته رضي الله عنه قد فتحت باب علم استفاد منه المسلمون في كل زمان ومكان، قال الذهبي: عن خالد بن يزيد الهدّادي - وهو ثقة - قال: أخبرنا بشر بن حرب قال: كنت في جنازة رافع بن خديج ونسوة يبكين ويولولن على رافع، فقال ابن عمر: إن رافعاً شيخ كبير، لا طاقة له بعذاب الله وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الميت يعذب بعذاب أهله عليه).

وقال حماد بن زيد: عن بشر بن حرب، لما مات رافع بن خديج قيل لابن عمر: أخروه ليلة ليؤذنوا أهل القرى، قال: نعم ما رأيتم.

أما هشام بن سعد فقد روى عن عثمان بن عبيد الله بن رافع، قال: توفي رافع فأتي بجنازته وعلى المدينة رجل أعرابي زمن الفتنة، فأتي به قبل أن تطلع الشمس، فقال ابن عمر، لا تصلوا عليه حتى تطلع الشمس (سير علام النبلاء 3: 182 - 183).

قال ابن قدامة في المتن: ويرى كثير من الفقهاء أن من خرج من سبيليه شيء، فهو مخير بين الاستنجاء بالماء أو الأحجار، وحكى عن سعد بن أبي وقاص وابن الزبير أنهما أنكرا الاستنجاء بالماء، وقال سعيد ابن المسيب: هل يفعل ذلك إلا النساء، وقال عطاء: غسل الدبر محدث، وقال الحسن: لا يستنجي بالماء وروي عن حذيفة القولان جميعا، وكان ابن عمر لا يستنجي بالماء ثم فعله/ وقال النافع جربناه فوجدناه صالحا، وهو مذهب رافع بن خديج، وهو الصحيح لما روى أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي، إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء، والعنزة عصا يضعها سترة له عند الصلاة، متفق عليه (المغنى 1 : 208). وبهذا الاستدلال، رأى كثير من المفسرين، سبب نزول الآية الكريمة في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (108) سورة التوبة.

وعن تحديد أوقات الصلوات، التي حددها حديث جبريل عليه السلام، عندما صلى بالنبي مرة في أول وقت، وأخرى في آخر الوقت، وقال: يا محمد الصلاة بين هذين الوقتين، إذ نرى الفقهاء يستدلون بما روي عن رافع بن خديج رضي الله عنه، في صلاتي العصر والمغرب، ففي العصر روي عن رافع: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأمر بتأخير العصر، ويعضده حديث علي بن شيبان، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يؤخر العصر، ما دامت بيضاء نقية، رواه أبو داود، وقد روي عن أبي قلابة وابن شبرمه: أنهما قالا: إنما سميت العصر، لتعصر يعنيان أن تأخيرها أفضل.

قال ابن قدامه: ولأنها آخر صلاتي جمع، فاستحب تأخيرها كصلاة العشاء، واستدل أهل الرأي على الأفضلية في آخر وقتها المختار، بحديث رافع السالف ذكره (المغنى 2: 39).

وفي المغرب قال رافع بن خديج، كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نبله” متفق عليه، وقد استدل به على استحباب تقديمها في غير حال العذر، وهو قول أهل العلم من أصحاب رسول الله، ومن بعدهم قاله الترمذي (المغنى 2: 41).

كما استدل بحديث رواه أبو داود وابن ماجة، عن استحباب فعل السنن في البيوت، وخاصة سنة المغرب، وجاء فيه قال رافع: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بني عبد الأشهل، فصلي بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال: “اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم” (المغنى 2 : 544).

قال الكتّاني في معجم فقه السلف: رأى كثير من الصحابة منهم عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبدالله، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود ورافع بن خديج وجمهور الأنصار وغيرهم من الصحابة والتابعين، أنه لا غسل من الإيلاج في الفرج، إن لم يكن إنزال، ودليلهم الحديث الصحيح: “إذا أقمطت وأكسلت فلا غسل عليك” وحديث صحيح أيضاً: “إنما الماء من الماء”، لكن ذلك نسخ بالحديث الصحيح الذي روته عائشة رضي الله عنها وأبو هريرة رضي الله عنه: “إذا التقى الختان بالختان وجب الغسل” (معجم فقه السلف 1: 93).

وفي قسمة الصدقة، روي أن أميراً، استعمل رافع بن خديج رضي الله عنه، على الصدقة، للماشية فأتاه لا شيء معه، فسأله؟

فقال رافع إن عهدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حديث، وإني جزأتها ثمانية أجزاء، فقسمتها، وكذلك كان عهدي برسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع (معجم فقه السلف 3 : 181).

فرضي الله عن رافع بن خديج، فإنه ينتهي في أعماله، إلى ما عهده من رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة لله ولرسوله، حيث ينتهي إلى ما سمع وما رآه من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

mshuwaier@hotmail.com
 

رجال صدقوا: رافع بن خديج
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة