ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 31/08/2012 Issue 14582 14582 الجمعة 13 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هل القانون الدولي لحقوق الإنسان يتداخل مع المصالح السياسيَّة للدول الكبرى المُتحكِّمة بالنظام الدولي فيكون هناك نوعٌ من الازدواجية في المعايير عند تطبيق الشرعيَّة الدوليَّة وبالتالي يصبح هذا القانون سياسيًّا لا إنسانيًّا..؟

سؤال وغيره من أسئلة مُتعدِّدة طرحتها على نفسي وأنا أتابع مشاهد مؤلمة وانتهاكاتٍ خطيرة ترتقي إلى مستوى [جرائم ضد الإنسانيَّة] يتعرض لها الشعب السوري على يد نظامه الذي أراد أن يدوَّن تاريخه بدم الضحايا والأبرياء..

وأن يكون نظامه مثالاً للأنظمة القاسية المستبدة التي تصور مدى الوحشيَّة والقسوة ضد الإنسان والإنسانيَّة.. فنجح بتفوق في تسجيل أعلى الأرقام القياسيَّة في عدد القتلى من المدنيين والأبرياء تحت ذريعة القضاء على الإرهاب.

ما يعانيه الشعب السوري من ويلات وآلام ومجازر ترتكب بحقه هو مثالٌ لما عانته كثير من الشعوب التي كانت ترزح تحت نير أنظمة طاغية مستبدّة مارست وبهمجية أبشع الجرائم الإنسانيَّة المشينة ضد شعوبها...ومع ذلك تبقى المنظمات الدوليَّة المعنيَّة بحقوق الإنسان عاجزة عن توفير الحماية لكل من يتعرض لأعمال العنف والإيذاء ومصادرة الحقوق الإنسانيَّة من حريَّة وعدل وكرامة في ظلِّ أنظمة نازية تكتب تاريخها بدماء الشعوب. لقد أصبحت الانتهاكات الجسيمة والممنهجة ضد كل المدنيين الأبرياء مثار استهجان واستياء أصحاب الضمائر الإنسانيَّة في مختلف بقاع الأرض ليس فقط لطبيعة هذه الانتهاكات ونوعيتها واتساع نطاقها... ولكن بسبب نكوص المجتمع الدولي عن الاضطلاع بمسؤولياته الدوليَّة والقانونيَّة لحماية المجتمع البشري من فظاعة تلك الانتهاكات التي تمارس بحقه حتَّى إننا لم نشهد في يوم من الأيام محاكمة حقيقية تدين الظالمين والمستبدين ومجرمي الحرب بقدر ما شهدنا استخدامًا مفرطًا لسلاح انتهاك حقوق الإنسان بأنواعه المختلفة من الديكتاتوريَّة إلى الإبادة.. فأين تحقيق العدالة الإنسانيَّة التي ينادي بها المجتمع الدولي من خلال منظماته الإنسانيَّة..!!؟ ومن يحاكم من..؟.

فإذا كانت كل القوانين الدوليَّة المعنيَّة بالإنسان وحقوقه قد وقفت عاجزة تمامًا أمام الاستهانة بحياة البشر وقيمتها وجوهرها فذلك يعني في حقيقة الأمر بأن القانون الدولي لحقوق الإنسان يتداخل مع المصالح السياسيَّة للدول الكبرى المُتحكِّمة بالنظام الدولي بغية تعزيز إستراتيجياتها وتعظيم اعتبارات مصالحها السياسيَّة على مقتضيات العدالة والمبادئ الإنسانيَّة والأخلاقيَّة دون النظر لأيِّ اعتبارات أخرى.. وللأسف الضحية هي الأرواح البشرية التي تتساقط يوميًّا تحت وطأة تنامي ثقافة الإفلات من العقاب.

إن من ينظر نظرة واقعية وبعين الحقيقة لكل المشاهد المؤلمة التي عانت ولازالت تعاني منها بعض الشعوب الواقعة تحت حكم أنظمة استباحت دم الإنسان فقتلت وأبادت يجزم بما لا يدع مجالاً للشكِّ أن مسألة حقوق الإنسان هي مسألة خاضعة لخطط قطبِّية دوليَّة إستراتيجياتها بعيدة المدى.. وأن كل القوانين والأنظمة المعنيَّة بحقوق الإنسان هي مُجرَّد غطاء تلتحف به تلك الدول المُتحكِّمة بالنظام الدولي.

فإذا كانت قضية حقوق الإنسان هي قضية حقٍ ثابتٍ للإنسان مهما كانت ديانته أو جنسه أو معتقده.. فإن الانتهاكات البالغة التي ترتكب بحقه شكلت خرقًا واضحًا لكل ما تدعو له جميع الديانات السماوية وما تنادي به القيم الإنسانيَّة... وتحوَّل قانون العدالة والمساواة والمناداة بالكرامة الإنسانيَّة الذي سنّته منظمات حقوق الإنسان إلى قانون حماية مصالح لدول مُتحكِّمة في النظام العالمي مما أفقد الثِّقة في تلك المنظمات التي جعلت ومع الأسف الشديد قوانينها المعنيّة بحقوق الإنسان نقطة ارتكاز لتسيّد الأقطاب الدوليَّة المُتحكِّمة في الشأن العالمي.

zakia-hj1@hotmail.com
 

عود على بدء
قوانين سياسية لا إنسانية لِتَسيد الأقطاب الدولية..!!
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة