في هوامش الأوضاع الراهنة يكثر الحديث عن التقارب بين السنة والشيعة في محاولات لإيقاف حالات عداء وقطيعة بين أبناء دين واحد، وانطلاقاً من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (103) سورة آل عمران، وسعياً لتحقيق الوحدة بين المسلمين، والتقارب هنا يعني ببساطة ردم الهوة السحيقة بين فرقتين من فرق المسلمين وتذويب نقاط الخلاف الشديد وصهرها وتوسيع مجالات الفهم والإدراك لثوابت الدين الحقيقية وأصوله الراسخة في عصر النبوة أي قبل عصور الخلافة ومانشأ حولها من خلافات بمن هو الأحق بالخلافة، والعودة لأصول الإسلام تعني تخلي الشيعة عن مبدأ النص على حصر الإمامة في خليفة رسول الله علي ابن أبي طالب وأولاده رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك التخلي عن سب صحابة رسول الله ولعنهم وتكفيرهم ورميهم علانية ودون حياء لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وخاصة غلاتهم الذين لايتورعون عن المجاهرة برمي المحصنة والطاهرة المطهرة أتباعا لنهي الرسول عن سب الصحابة ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاتسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولانصيفه «، ويعني أيضا أيمانهم وتصديقهم بكل ماورد في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم دون تحريف أو اختيار لما يوافق أهوائهم. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (9) سورة الحجر، ومن مطالب التقارب على الجانب السني تقبلهم الكامل لإخوانهم الشيعة فهناك من يرى من علماء الشيعة تكفير السنة للشيعة عامة وإخراجهم من ملة الإسلام ووصفهم بالرافضة والتضييق عليهم عند ممارستهم لشعائرهم الدينية رغم أن الرسول الكريم قد حدد مواصفات المسلم ففي حديث عمرو بن عباس فيما روي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته»، والخفر هنا الغدر. وبرغم أن عامة الشيعة خصوصاً العوام منهم ومن لايقبلون بالأفكار المنحرفة هم من المسلمين لأنهم محققون لشروط الإسلام الآنفة مع ما لديهم من أخطاء.
تبدو فرصة التقارب ضئيلة ولم يكتب لكل المحاولات السابقة النجاح فالسنة يرون ضرورة تصحيح الشيعة لأخطائهم وعودتهم للمنهج الصحيح أما الشيعة فيرون أن لابد من تشيع أهل السنة وإقرارهم بمنهجهم، ولذا يمكن طرح موضوع التعايش كبديل للتقارب وذلك بالعيش المشترك والقبول بالتنوع والاعتراف بالآخر، وأسس التعايش موجودة في السعودية بين الفرقتين لكن الأجواء المحيطة بحاجة لتنقيتها بالأخذ على أيدي المحرضين ومثيري الفتن من الطرفين وعزلهم عن التأثير في عامة الناس، والحد من سياسات الإقصاء والتهميش لأي فرد يحمل الهوية الوطنية ويحقق متطلباتها بالفعل لا بالقول فعل يطبق على أرض الواقع بالولاء الكامل لهذا الوطن وقيادته وحباً لأرضه وشعبه دون الانسياق خلف شعارات من يريدون الشر لهذا البلد الآمن، ثم احترام الجميع ومناهضة أية أعمال فوضوية والتبليغ عنها وأداء الواجبات التي تقتضيها المواطنة الحقه والإخلاص والتفاني وبموجبه يحصلون على كافة الحقوق المدنية، التعايش سيقود للحوار الهادئ الذي قد يؤدي إلى التقارب المعقول والعيش بسلام في وطن واحد.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15