لا يكاد الجدل يتوقف في شتى دول العالم حول عقوبة الإعدام، فهناك من يرى أن لا شيء يستحق قتل إنسان حتى لو كان هذا الإنسان مجرماً معلوم الإجرام!، وهناك من يؤيد هذه العقوبة، ومن المعلوم أن عقوبة الإعدام تم إلغاؤها في معظم الدول الأوروبية، وكذلك في بعض الولايات الأمريكية، وجدير بالذكر أن بعض الولايات ألغت قانون الإعدام، ثم عادت إليه بعد أن ثبتت أهمية وجود قانون صارم لحماية الناس وترسيخ الأمن الاجتماعي، ولذا لم يستوعب المتابعون تلك العقوبة البائسة التي حكمت بها محكمة نرويجية على الإرهابي اندريس بريفيك، الذي قتل 77 إنساناً بريئاً، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 21 عاما، وقد تصل إلى10 أعوام مع حسن السلوك!، وذلك لأن النرويج ألغت عقوبة الإعدام منذ زمن طويل.
إن المعارضين لعقوبة الإعدام يتخوفون من أن يتم الحكم على إنسان بريء، ويتم إعدامه ظلماً، وهذا واقع، فقد حصلت قصص كثيرة في الولايات المتحدة تحديداً، تم من خلالها الحكم بالإعدام على أناس أبرياء، ثم ثبتت براءة كثير منهم لأسباب متعددة، تأتي على رأسها تقنية «الدي إن إي»، ولكن ماذا عن الذين أعدموا ثم ثبتت براءتهم لاحقا، وبعد أن قضي الأمر؟، ومع ذلك فإن حل هذه المعضلة لا يعني تعطيل العقوبة، بقدر ما يعني التأكد من ارتكاب الجرم بشكل قاطع قبل تنفيذها، وهو ما تسعى إليه كثير من دول العالم حالياً، خصوصاً في العالم الغربي.
هنا، يتم تطبيق الشرع الإسلامي الذي يجيز عقوبة الإعدام، ويجيز الشرع العفو في قضايا التعزيز، وهناك مواطنون يتنازلون لوجه الله تعالى، ولكن برزت مؤخراً ظاهرة العفو من أهل الدم مقابل مبلغ مالي، وقد كانت المبالغ معقولة حتى وقت قريب، ثم إن هناك قضايا طلب فيها أهل الدم أن يتم التبرع بالمبلغ للجمعيات الخيرية، أو لبناء مسجد باسم القتيل. هذا، ولكن الأمر تحول مؤخراً لما يشبه المزاد -ولا حول ولا قوة إلا بالله-، إذ انتشرت الظاهرة بشكل كبير، وأصبحت المبالغ المطلوبة خيالية تتجاوز عشرات الملايين!، والأدهى من ذلك أنه أصبح هناك وسطاء يأخذون نسبة معينة من قيمة مبلغ العفو، ولا أقول هذا على طريقة «حدثني رجل»، بل إن كثيرين يعلمون عن هذا الأمر، ولا يزال المرء غير مصدق أن أحداً سينتفع بمبلغ مالي تفوح منه رائحة الدم، ولكنها النفس الإنسانية الضعيفة على أي حال.
وفي الأخير، فإن الوقت قد حان للتدخل قبل أن يستفحل الأمر، إما بمنع التنازل عن الدم مقابل مبلغ مالي بالكلية، أو تحديد سقف أعلى لمبلغ العفو، فقد تحول الأمر إلى ما يشبه المزاد في بعض الحالات.
فاصلة:
«إذا قدرت على عدوك، فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه»... الإمام علي كرم الله وجهه.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2