مشكلتنا أننا نتحدث بلباقة في كل شيء ونشارك في كل شيء إلا لغة الأرقام، فنحن شعوب لا تحب المعرفة ولغة الأرقام والقياسات والرسوم البيانية، لأننا نعيش بلا حدود معرفية وعلمية، ولهذا يزداد الحشو والتعبير والإنشاء على قواعد صفرية غير متحركة ومحددة لنا، لذا يجب أن نركز أهدافنا على الاقتصاد المعرفي (الاقتصاد الجديد) بمعنى أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي لدولنا، والمحرك المجتمعي، حيث إن اقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال والابتكار، والموارد البشرية المؤهلة ذات المهارات العالية لأن رأس المال البشري هو أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد المعرفي المبني على المعرفة والتقنية الحديثة.
فالاقتصاد الجديد ثورة معرفية وعلمية عالية وعظيمة وهي قادمة بسرعة مذهلة، ولن تمنحنا الوقت الكافي لترتيب أوراقنا، وسيخرج أي مجتمع أو أي دولة خارج إطار التاريخ الإنساني إن لم يتمكن من الحصول على المعرفة والعلوم والتقنية الحديثة ويواكب التطورات التقنية، والاستفادة من ثورة الاتصالات، وأن يمارس هذه العلوم والمعرفة والتقنية الحديثة في أعماله اليومية حتى تنعكس على مفاهيمه وتفكيره وأفكاره وعلاقاته وتفاعلاته مع الآخرين، وذلك لتحقيق الريادة العالمية وبناء مجتمع المعرفة (الاقتصاد الجديد) لنقل دولنا إلى مرحلة الاختراع والتصنيع متى يكون ذلك؟ يكون إذا أقمنا تعليم على أسس علمية حقيقية تعليم يطرد الجهل والتخلف والتلقين ويمنح العقل مكانة حقيقية.
لقد اعتمد العصر الاقتصادي السابق على التجارة عبر المجالات البرية والبحرية والجوية، وكان الثراء يقوم على القوة العسكرية واحتلال الدول، أما العصر الحالي فيعتمد على خطوط التجارة الإلكترونية حيث سلم قيادة الماكينة والمصنع إلى جهاز الكمبيوتر وأصبحت المعلومات لا تعترف بالحدود الجغرافية لأن خطوط الإنترنت والأقمار الفضائية تعبر الحدود من دون الحاجة لرخصة أو جواز سفر، هذا التحول دفع الدول المتقدمة للإمساك بالتكنولوجيا المتقدمة وتقنية المعلومات التي حولت العالم إلى قرية صغيرة فعندما حصل العلماء على جائزة نوبل للعلوم خرج علينا من يروج بأنها حقائق علمية تاريخية معروفة، وأن العلماء لم يأتوا بجديد قد يكون ذلك صحيحا، لكن العلم لا جدال فيه لأنه يستثمر لغايات إنسانية تنفع كافة البشرية.
إن وجود الكوادر المؤهلة والقدرات البشرية الوطنية ضرورية من أجل الإدارة الفاعلة لتشغيل القطاعين العام والخاص، لأن الذي أصبح يسيطر على العالم الأجهزة الإلكترونية والأنظمة المعلوماتية وأصحاب العلم والفكر وامتلاك اليد العاملة المثقفة ذات المعرفة باستعمال الحاسوب والتقنية الحديثة وتأمين الخدمات المهنية أكثر أهمية من غيرها وذلك لتغطية خدمات الوطن والمواطن، حيث يعد مجتمع المعلومات نظاماً اقتصادياً تشكل المعرفة والمعلومات مصدراً أساسياً فيه وهو يمثل فرصة لمجتمعاتنا.
ولن يكون ذلك ممكناً إلا بتحويل الاتصال والتقنية والتكنولوجيا إلى أنشطة اقتصادية عن طريق توفير خدمات وأسواق جديدة وخفض التكاليف، حيث سهلت التجارة الإلكترونية بيع البضائع دون وسيط إلى المستهلك وتوفير المعلومات التي لم تكن متاحة من قبل، وأصبح الإنترنت وسيلة للحصول على المعلومات لجميع شرائح المجتمع والوصول إلى زيادة الإنتاجية في جميع قطاعات الاقتصاد لتحقيق الرفاهية والنفع على المواطن لينسجم مع بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية