لا شك أن تعبئة وعاء دون وجود مجرى لتصريف الفائض، يعد بفوضى تحتاج إعادة ترتيب، إن لم تسبب خسائر متعددة، وهو ما يحدث مع مشكلة تجمهر الشباب والمراهقين لممارسة “التفحيط” بحثاً عن التشويق والإثارة، وقتل الوقت، وإثبات الذات، ولو كان على حساب الأرواح.
ولعل الجميع شاهد مقاطع الفيديو التي تحكي تفاقم المشكلة رغم الإعلان عن العقوبات الرادعة،لكنها لم تردع أحداً، والأمر في ازدياد مثير للمخاوف، فالذي يحدث عند التجمهر عادة يفهمه المختصون في سيكولوجية الجماهير التي تفتعل الشغب، وليس لها حس المسئولية، باندفاع أعمى ودون وعي، والمقطع الذي أثار حفيظة المجتمع له عدة أوجه تحتاج منا وقفات، فمن جهة كان تصرف رجل الأمن ليس صحيحاً البتة، عندما تسرع بالدخول بين الجموع وحيداً، وعرض نفسه لخطر نحمد الله أنه لم يتعدَ ما حدث، أيضاً هيبة الأمن على المحك وفضاء النت يعج بمواقف يهان فيها رجل الأمن! وذاك له أثر سلبي، فمن يتجرأ على الأمن المروري لن يتوانى عن أمور أخطر.
نأتي الآن لهذه المشكلة التي تتعاظم كل يوم، ونعلم جميعاً أن نسبة كبيرة من المجتمع السعودي من فئة الشباب تزيد كل يوم، وتلك المرحلة تضج بطاقة جبارة، يمكن الاستفادة منها، عوضاً عن تركها للشارع، فالتنفيس حاصل لا محالة، إن لم يكن في الطريق الصحيح، حتماً لن يخرج إلا بطريقة مروعة ومتهورة ومنحرفة، سبق أن كتبت عن احتواء هذه الطاقة، وتحويلها إلى مسار الرياضة، بتوفير أماكن متخصصة، بمقاييس علمية، ومسابقات قد تحملنا لمصاف العالمية، أو استقطاب هذه القدرات المذهلة للعمل في المجال الأمني، بدلاً من إيقاع العقوبات التي سنحتاج معها إلى سجون أكثر وأكبر، دون جدوى.
والخوف الأكبر من تنامي هذه التجمعات، ولا يخفى على العارفين بسطوة الجماعة على المراهق، كيف أنها من الممكن أن تتحول إلى عصابات تبدأ بالتفحيط، لتدخل عالم الجريمة، ونجد أنفسنا أمام إرهاب من نوع آخر.
فمن باب أولى أن تتحد الجهود التربوية والصحة النفسية مع الدولة، لإيجاد مصارف تصب في منفعة الوطن وأمنه، سيكون المردود فوق التوقعات، لأن روح الشباب لا تقهر، ومستعدة أن تبذل في ظل قضية ما، النفيس والغالي، شرط أن يكون الداعي لها يفهم احتياج تلك المرحلة العمرية الأجمل. خارج النص: الحكم المسبق.. تهمة ملفقة تستحق الاعتذار.
amal.f33@hotmail.com