الاحترام هو أحد القيم الإنسانية ويعني تقدير الإنسان للآخر بغض النظر عن لونه أو نسبه أو ثقافته بل التقدير راجع لصفته الإنسانية فقط. وقد يشمل الاحترام تقدير المعاني كاحترام الأنظمة والحقوق والمواقف المشرفة والإبداعات المتميزة، كما أن الاحترام يشمل العلاقات الدولية إذ إن فقدان الاحترام بين الدول قد يثير أزمات سياسية فاحترام الحدود بين الدول واحترام رعايا الدولة وقوانينها من الأمور الأساسية لكل دولة.
كما أن الاحترام يشمل العلاقة بين المواطن والدولة اذ يجب على كل مواطن احترام وطنه وقيادته وشعبه كما أن الدولة مطالبة باحترام حقوق مواطنيها المتعددة كالرأي الذي يخدم الصالح العام ورعاية سبل الكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة بين المواطنين. وفي عهد الجاهلية العربية لم يكن للاحترام أي اعتبار إلا في إطار العصبية القبلية فمنسوبو القبيلة مطالبون باحترام رئيس قبيلتهم ورؤساء القبائل يحترم بعضهم البعض الآخر لخشية بعضهم البعض أما المرأة وفقراء المجتمعات والمماليك فحدث عنهم ولاحرج من الاحتقار والإقصاء وعدم الاحترام.
ويأتي في قمة الاحترام المتبادل مايلي:-
- احترام الوالدين:
احترام الإنسان لوالديه أمر حتمي باعتبار ذلك طاعة لله ولرسوله مصداقا لقوله تعالى في هذا الشأن {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} وكذلك قوله تعالى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. الآيتين (23 ،24) من سورة الاسراء. وفي السنة الشريفة سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله ثم برالوالدين). ويأتي احترام الوالدين لكونهما سببا لاجتماع الأسرة ووحدتها ولأنهما سبب لوجود الإنسان وتربيته ورعايته ومن مظاهر احترام الوالدين مخاطبتهما بالألفاظ اللائقة وعدم النظر إليهما بحدة وقسوة ومساعدتهما في حمل أغراضهما وإلقاء السلام عليهما عند لقاء أي منهما وحفظ أسرارهما.
- احترام كبار السن
وذلك بتوقيرهم وتجنب المزح غير اللائق معهم واستقبالهم عند قدومهم بالفرح والترحيب وحسن الاستماع إليهم وعدم مخاطبتهم بأسمائهم المجردة بل بألقابهم أو كنياتهم.
- احترام العلماء والمعلمين
وذلك لدورهم في مجال التوعية والتربية والإرشاد إلى الطريق الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه). ويقول المولى عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}الآية ( 11) سورة المجادلة.
ويقول الشاعر:-
العلم اشرف مطلوب وطالبه
لله أفضل من يمشي على قدم
وسئل أحد الحكام السابقين لَم تُكرّم معلمك فوق كرامة أبيك فقال إن أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية.
- الاحترام بين الزوجين
وصف الله عز وجل الحياة الزوجية باللباس فقال تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } الآية (187) من سورة البقرة. وهو دليل على قوة التقارب بين الزوجين وهو الأمر الذي يتطلب من الزوجين ترجمة ذلك على ارض الواقع بالاحترام المتبادل عن طريق تقدير كل منهما لرأي الآخر والدفاع عنه واحترام إنسانيته خاصة من قبل الزوج وتبادل المشاعر الصادقة التي تقوي العلاقة الزوجية والتعاون في مجال تربية الأولاد والبنات لما فيه مصلحة الأسرة وتأمين مستقبلهم وحل المشاكل الأسرية بالتفاهم والمودة فالاحترام هنا هو سر استمرار الحياة الزوجية.
- احترام الذات:
وذلك عن طريق الثقة في النفس والتي يترتب عليها العمل على بناء الذات عن طريق العديد من المحاور ومنها التخلص من سلبيات الماضي والانطلاق نحو المستقبل وفقا لآلية أن الايجابيات ستفوق السلبيات بما سوف يعزز الثقة وبالتالي الوصول الى احترام وتقدير الذات والذي يعني حجم الصورة التي ينظر فيها الشخص إلى نفسه فمثلا فإن الشخص الانطوائي تكون نسبة تقديره لذاته منخفضة جدا بخلاف المنفتح على المجتمع والمشارك في نشاطاته، ويعبر عن احترام الذات أيضا باحترام النفس فكثيرا ما نسمع عندما يحصل مشكلة بين شخصين قول أحدهما للآخر عبارة (احترم نفسك) وسبب ذلك إن احترام الإنسان لذاته أو نفسه يؤدي إلى احترامه الآخرين.
احترام الموظف لرئيسه
تعتبر طاعة الرؤساء من أهم الواجبات الملقاة على عاتق الموظفين والطاعة هنا تعني تنفيذ قراراتهم وتوجيهاتهم المتعلقة بالعمل بسبب موقعهم الإشرافي وأقدميتهم في الخبرة والمركز الوظيفي إلا أن هذا لا يعني عدم إتاحة الفرصة للموظف لإبداء رأيه خاصة إذا كان رأيه هو الأقرب للصواب كما أن على الرئيس لكي يطاع وتنفذ أوامره أن يكون موضوعياً وعادلاً في تعامله مع موظفيه بحيث لا يخص بعض الموظفين بالمزايا دون غيرهم الذين قد يكونون أكفأ من منحت لهم الترقيات والمزايا المادية.
- احترام الآخرين للشخص:
يقول بعض علماء النفس إن الإنسان ليس في حاجة إلى أن يكون غنيا أو قياديا لكي يحظى باحترام الآخرين وقد طرحوا العديد من النقاط التي تساعد في كسب احترام الآخرين ومن ذلك الآتي:-
- على الإنسان أن ينهج أسلوب الاستماع إلى الآخرين أكثر من الكلام لأن كثر الكلام يؤدي للوقوع في الخطأ.
- الاحتفاظ بالأسرار الخاصة لأن تعرية الإنسان لنفسه أمام الآخرين يجعلهم يقللون من فكرتهم عنه.
- عدم تقليل الإنسان من منجزاته الذاتية بحيث لا ينسب الإنسان كل ما يحققه للحظ لان ذلك يقلل من مكانته عند الناس.
- الاعتراف بالأخطاء خاصة لان تمسك الإنسان بالرأي الخطأ يقلل من احترام الآخرين له بل والشك في مصداقيته.
- عدم تقليل الإنسان من شأنه ومواهبه إضافة إلى ضرورة تقديره قيمة الوقت وعدم الاعتماد كثيرا على الآخرين في اتخاذ القرارات.
asunaidi@mcs.gov.sa