|
الرياض - أحلام الزعيم:
«أريد أن أصبح طبيب أطفال».. هكذا يجيب «أحمد محمد إسماعيل» بثقة بالغة مستأسداً على تلك الخلايا التي سكنته وهو لم يتجاوز السادسة دون أدنى رحمة بتلك الملامح الطفولية, معركة شرسة اضطر أحمد أن يخوضها مع تلك الخلايا السرطانية المنتشرة بدمه حيث لا شيء محصور بموضع ولا استئصال يمكن أن يحدث. التقيت بأحمد في فعاليات اليوم العالمي للمتعافين من السرطان لأعرف أسرار الرحلة العلاجية التي امتدت إلى ثلاثة أعوام ونصف حرمت «أحمد» من البدء بالدراسة في سن أقرانه, وجعلته زميلا للموجعين والمتألمين الذين يرتادون المستشفيات. تقول والدته «بعد شهر ونصف من التحاليل المتكررة وشكواه الدائم من ألم بطنه وعدم قدرته على اللعب والحركة كطفل عادي بهذا السن ظهرت النتيجة بأنه أصبح أحد مصابي السرطان, صدمة كبيرة كنت وما زلت أتمنى لو أن السرطان يحتل جسدي عوضا عن ولدي, هذا المرض قاس جدا خاصة على قلب أم ترى طفلها وهو يذبل يوما بعد يوم». من الصعب أن تتقبل المواجهة وترضخ للعلاج في مرض ذي سيناريوهات مفتوحة. السرطان يتحول من كونه مرض عرضي إلى جزء أساسي ومحوري في حياة المصابين به وحياة ذويهم. والأمر هنا كان أشد صعوبة كون «أحمد» من الجنسية الأفغانية الأصل ولهذا كانت كل المستشفيات الحكومية تعتذر عن علاجه, ولم يستطع والداه توفير ثمن العلاج الباهظ التكاليف في أحد المستشفيات الخاصة, وهو ما جعل هذا المرض كابوسا ثقيلا لوالدين يريان طفلهما وهو يقترب من النهاية. تقول والدته: «لم يكن هناك علاج للسرطان, كل من كان يصاب به يموت, هذه الفكرة الأولى التي تدور في ذهن من يبلغ عن هذا المرض, لكن أن يكون هناك علاج ولا تستطيع دفع ثمنه أو توفيره يجعلك مكبلا بالعجز وشاعرا بالتقصير» لكنها لم تفقد الأمل لأنه الخيار الوحيد الذي يبقي ولدها سالما لها, سمعت عن اليوم العالمي للمتعافين من السرطان الذي كان برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله وتوجهت مباشرة لها مقدمة طلبها وشكواها, لتتكفل صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة كما هو معتاد منها بعلاج الطفل». الفضل لها بعد الله في حياة ولدي, لا يوجد كلمة أستطيع أن أعبر فيها عن شكري لها. تقول أم أحمد. وتضيف: «في مستشفى الشميسي شرحوا لابني حاجته لأخذ كورسات علاجية بطريقة مبسطة ثم بدأت الرحلة بكل مرارة مراحلها التي كنت أتقوى على مرارتها بابتسامته ورغبته في التعافي, كان أكثر تحملا حتى وهو يفقرموش عينيه, كرست حياتي كلها له حيث إنهم طلبوا مني المكوث في المنزل وعدم الخروج معه إلى أي مكان لأن مناعته تضعف كثيرا مع العلاج الكيميائي. وهذا ما حدث». أحمد الآن في الحادية عشرة من عمره. يعيش طفولته مكملا ما نقص منها بعد أن التحق بالمدرسة, يقول إنه لم يعد يخاف وأن على كل الأطفال المصابين أن يذهبوا للمستشفى لأنها الطريقة الوحيدة ليغادرهم المرض. ورغم أن والدته ما زالت مسكونة بهاجس الخوف من عودة المرض إلى أنها استسلمت لنظريات طفلها المتفائل الذي أصبح طبيبه فواز القاسمي مثله الأعلى. ولا تتمنى أمه أكثر من أن يكون المرض جزءاً لا يتكرر من الماضي.