|
حاورها - سمير خميس:
أكدت الوكيلة المساعدة لشؤون الخدمات الطبية المساعدة بوزارة الصحة الدكتورة منيرة العصيمي، أكدت على توجه مسؤولي وزارة الصحة المتمثل في إعطاء الفرصة الوظيفية في القطاع الصحي للكفاءات السعودية، شريطة أن يكون هذا الحق مرتبطا بالكفاءة التعليمية والعملية، مشيرة إلى أن ندرة المخرجات السعودية في بعض التخصصات هي من تجبر الوزارة على التعاقد مع بعض الكفاءات الخارجية.
ودافعت العصيمي في الوقت ذاته عن وجود المتعاقدين في المجال الصحي السعودي، معتبرة ذلك إثراء لهذا المجال.
محاور أخرى تطرقت لها د. منيرة العصيمي من خلال هذا الحوار:
* د. منيرة العصيمي. أول سيدة سعودية تتسنم منصب وكيل مساعد في وزارة الصحة. ما هي الرسالة المتوقع إيصالها من خلال هذا التعيين؟
ـ بداية هذا التعيين هو من فضل الله علي وعلى من يعمل ويخلص في عمله، وهذا التعيين من الأمثلة على أن هناك تقديرا لكل من يعمل، المسؤولون في وزارة الصحة ولله الحمد يعون قدر الاحتياج لتطوير الخدمات الصحية، وإيمانا منهم بأن المرأة من الأعضاء الفاعلين في الفريق الصحي، كان هذا التعيين.
* العنصر النسائي نجده حاضرا في وزارة الصحة بشكل لافت. هذا التعيين هل تعتبرينه متأخرا أم أنه جاء في وقته؟
- أنا لا أنظر إلى الأمر من زاوية التأخير أو خلافه، كل ما أنظر إليه أن وجود المرأة السعودية وتمكنها من عملها أعطاها الفرصة للوصول إلى هكذا أماكن، بالإضافة إلى دعم الدولة الرشيدة ووضع المرأة السعودية من ناحية تعليمها وقدرتها في العمل، هذه العوامل أوجدت الثقة في المرأة السعودية، وبالتالي وصلت إلى مثل هذه المناصب.
جهاد أنثوي
* وصفت عمل المرأة بالجهاد. هل جهاد المرأة هنا مختلف عن جهاد الرجل؟
- أنا أرى أن العمل بمفهومه العام هو جهاد، لأن الإنسان طالما كان في عمله فهو في ذمة الله، العمل بالنسبة لأي امرأة تعمل وبالذات المرأة السعودية يعتبر جهادا؛ لأن المجتمع السعودي بحكم تمسكه بالشريعة وبالقيم المتصلة بها، لا زال يؤمن بدور المرأة في الأسرة حتى لو كانت عاملة، تحتاج في كثير من الأحيان للعطاء بشكل أكبر حتى تظهر لمن حولها تمكنها من عملها، هذه الأمور وغيرها تمثل جهادا للمرأة يختلف عن جهاد المعارك الحربية الذي قد يفهمه البعض.
عهد المرأة
* اتسم عهد الملك عبدالله بخطوات متتالية اتصفت بالتركيز على إشراك المرأة في الحياة العامة، إشراك المرأة هنا، هل ينبع من رغبة سياسية متوافقة مع رغبة مجتمعية؟ أم أن هناك تأخرا في مواكبة هذه الرغبة من قبل المجتمع؟
- هذا الإشراك هو إعطاء الفرصة للمرأة للمشاركة في الصناعة التنموية لهذا البلد، وذلك ضمن حدود ما تسمح به شريعتنا وقيمنا وتقاليدنا، والدولة حريصة جدا على أن تمنح المرأة دورها الطبيعي كي تتمكن من خدمة وطنها. وصول المرأة إلى ما تستحقه ليس ناتجا من وجهة نظري جراء رغبة سياسية تسبق رغبة المجتمع، ما أراه أن المرأة وصلت إلى ما وصلت إليه بفضل ما اجتازته من مراحل تعليمية عالية، الأمر الذي أتاح لها الوصول إلى مناصب قيادية.
وعد شهير
* وعدك الشهير بعدم حصول أي أجنبي على وظيفة من حق أي موظف السعودي كفؤ الحصول عليها في وزارة الصحة. ما هي الأرضية التي انطلقت منها لإشهار مثل هذا الوعد؟
- بحمد من الله فإن الخطة التي أقرتها دولتنا الرشيدة، بالإضافة إلى الاستراتيجية المعتمدة من وزارة الصحة، والمتمثلة في الإيمان بالقوى البشرية التي تراها الاستثمار الأمثل الذي يمكن أن تراهن عليه. والقوى البشرية متى ما كانت قوى متمرسة وذات كفاءة عالية، فذلك ما تنشده الوزارة، وبكل صدق أقولها: التوجه الذي يسعى إليه المسؤولون في وزارة الصحة: إعطاء الفرصة للمواطن السعودي كي يحصل على حقه في الفرص الوظيفية؛ لكن لا بد أن يكون هذا الحق مرتبطا بكفاءة تعليمية، حتى يتمكن من العمل على وجهه الصحيح، يدعم بالتدريب من خلال تواجده في العمل، ومتى ما توفرت فيه هذه الشروط فذلك يفرض علينا ويجبرنا على استغلال مثل هذه الكفاءات، في نفس الوقت هناك استراتيجية في التعيين، وهذه تكون بالاتفاق بين وزارة الصحة ووزارة الخدمة المدنية لتوفير الوظائف المطلوبة.
* وهل هناك مشاريع منفذة لتطبيق مثل هذه الاستراتيجية؟ لأني أنقل إليك رغبة الوزارة في التعاقد مع عدد من الفنيين وصل عددهم إلى أكثر من 3000 فني تقريبا. كيف يمكن تفسير مثل هذه الأرقام التي تتناقض مع وعود الوزارة التي أكدتها للتو؟
ـ لا، أخي الكريم أنا أريد أن أوضح شيئا في غاية الأهمية، بالنسبة للمجال الفني طالما توفرت فيه الكفاءة السعودية، فالوزارة حريصة حسب توجيهات المقام السامي على تغطية النسب المطلوبة منها، لكن لا ننس أن هناك بعض التخصصات الفنية لا يوجد فيها سعوديين، لا توجد فيها مخرجات سعودية، في هذه الحالة نضطر إلى التعاقد من خارج المملكة، لأن المريض لا ينتظر وهذا حق من حقوقه؛ لأن المريض في حاجة إلى الخدمة، وأحيانا تكون الخدمة طارئة، فلا أظن أن هناك ما يمنع الاستعانة بمتعاقدين من خارج المملكة إذا انعدمت الكفاءات داخلها.
استراتيجية محدودة
* لا زلنا في الاستراتيجيات. البعض يرى أن وزارة الصحة لا زالت استرتيجيتها استراتيجية مستشفيات، لا استراتيجية وزارة. مثل هذه الرؤى هل يمكن الأخذ بها داخل الوزارة؟
- وأنا أرى أن هذه الرؤى هي لأشخاص غير مطلعين على ما يدور داخل وزارة الصحة وما تخوضه من معارك شتى، وزارة الصحة ولله الحمد تحقق نقلات سريعة على مختلف مستوياتها، سواء على الخدمات الطبية، أو القوى البشرية، أو على مستوى التقنيات التكنولوجية المستخدمة حاليا.
* هل هناك خطة تعدها وزارة الصحة لمواجهة التسرب لمنسوبي وزارة الصحة إلى بعض الدول المجاورة، وإلى القطاع الخاص؟
- بالنسبة لانتقال بعض منسوبي وزارة الصحة إلى القطاع الخاص نتيجة لعوامل جذب معينة، هناك نظام جديد أقر بمساواة الرواتب بباقي القطاعات الأخرى، الأمر الذي أحدث نوعا من التوازن وقلل من نسبة الانتقال.
* وهل تثقين أننا سنصل في يوم من الأيام إلى الاكتفاء الذاتي من الأطباء الطبيبات، والممرضين والممرضات السعوديين والسعوديات؟
- الاكتفاء الذاتي الكامل لا أعتقد أننا سنصل إليه، لأن هناك توسعا في الخدمات الصحية سواء من حيث الأعداد أو التخصصات، إضافة إلى أننا لسنا في معزل عن العالم، لا بد أن يكون بيننا وبين العالم احتكاك وتناقل في الخبرات، وبالذات في المجال الطبي فيجب علينا الاطلاع على ما هو موجود في الخدمات الطبية، فوجود المتعاقدين بيننا يثري المجال الصحي لدينا، فليس الهدف فقط أن يعمل هؤلاء المتعاقدون لفترة معينة، ليحل محلهم سعوديون بعد ذلك، نحن عندما نتعاقد مع أحدهم للعمل في السعودية، فإننا نثري العاملين السعوديين، وفي نفس الوقت نحقق التواصل بين الدول. لا تتوقع أن تحقق أي دولة الاكتفاء الكامل في المجال الصحي ليعمل فيها بالتالي المواطنون فقط، إضافة إلى أن هذه النسب لهؤلاء المتعاقدين هي نسب قليلة مقارنة بالسعوديين.
* يلحظ المتابع أن العنصر السعودي يتواجد بكثرة في المنشآت الصحية الحكومية، عكس ما يلاحظ في المنشآت الصحية الخاصة. مثل هذه النقطة هل تضعها وزارة الصحة في الاعتبار؟
- حسب التوجيهات من المقام السامي المحددة للنسب بين القطاع الحكومي، والقطاعات الخاصة الأخرى، فمن المفترض على القطاع الخاص استثمار قدرات أبناء وبنات البلد وتنميتها بالتدريب والتأهيل.
زي الممرضات
* زي الممرضات وشكلهم العام. لماذا يحتاج كل هذه التعاميم؟
ـ أعتقد أن التعاميم التي تناقش مثل هذه الشؤون هي تعاميم موحدة، خاصة بكل العاملين في المجال الصحي وليس فقط مجال التمريض، بعض الأحيان توجد حالات تستدعي أن يكون هناك متابعة لهذه التعاميم، بالنسبة للتمريض فإنه يشترط لهم ألبسة خاصة متعارف عليها، وعادة ما تجد العاملين في مجال التمريض من أكثر الناس التزاما بالزي المطلوب منه، ويوجد ضمن التقييم السنوي لكل ممرض وممرضة نقطة متعلقة بالزي ومدى التزام الممرض والممرضة به، ولو حصل من البعض أي مخالفة متعلقة بالزي فسيؤثر على مستوى الممرض العملي.
مسلسل الأخطاء الطبية
* الأخطاء الطبية أصبحت تحتل حيزا كبيرا في وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة. هل هناك مشاريع مطبقة على أرض الواقع لتلافي مثل هذه الأخطاء أو للتقليل منها على الأقل؟
- بداية علينا أن نفرق بين الأخطاء الطبية، فهناك أخطاء طبية قاتلة، وهناك أخطاء طبية لا تمس المريض مباشرة، وهناك أخطاء طبية متعلقة بالأجهزة. تختلف نوعية الأخطاء بالإضافة إلى أن أي مجال يعمل في البشر يوجد فيه الخطأ. بالنسبة لواقعنا الصحي هناك نظام ربط إلكتروني بين مستشفيات الوزارة بجميع فئاتها وبين مقام الوزارة، نستهدف من مثل هذا الربط هو معرفة أي خطأ طبي مهما كان حجمه من خلال ظهوره على جهاز إلكتروني يطلع عليه معالي الوزير أو نوابه أو حتى مدير المستشفى الذي حصل فيه الخطأ، الهدف الأساسي من هكذا مشروع هو تدارك أي نوع الأخطاء من الممكن أن تحصل، بالإضافة إلى إجراء أي تعديل في سياسات المؤسسة الإجرائية، أو إجراء تدريبات وإعادة تأهيل للأشخاص الذين وقع منهم الخطأ، أو استبعادهم في حالة ارتكابهم لخطأ فادح من المكان الذي هم فيه. النقطة الأخرى يجب علينا ألا نغفل التدريب المتواصل بالنسبة للعاملين في المجال الصحي، حتى تكون لديهم القدرة على الممارسة، وهذه تتحقق بالمؤتمرات والندوات وبالمحاكاة مع الدول الأخرى، والاستفادة مع الخبرات الداخلية والخارجية.
* وكيف تقيمين تعامل الإعلام والمجتمع مع هذه الأخطاء؟
ـ بالنسبة للمجتمع؛ أفراده المتضررون من مثل هذه الأخطاء لهم الحق في المطالبة بتعديل الأوضاع، أما الإعلام فإنه في بعض الأحيان يتعمد الإثارة لجلب أكبر عدد من المتابعين لا لمعالجة هذه الأخطاء، وهذا غير صحيح من وجهة نظري لأن من يقرأ الصحف هم أناس من المملكة وخارجها، وبعض الإثارات الإعلامية الكبيرة تسيء لبلادنا، في حين أن لدينا الكثير من الإيجابيات سواء في القطاع الصحي أو غيره، هذه الإيجابيات لا يركز الإعلام عليها كما يركز على بعض السلبيات البسيطة.