ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 25/08/2012 Issue 14576 14576 السبت 07 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يظل الإعلام هو الهاجس الذي يهيمن على مجرى الحياة العامة في كل شئون الدول والمجتمعات، ويظل الإعلام - في الوقت نفسه- هو المشجب الذي يعلق عليه السياسيون إخفاقاتهم، بل يتعدى ذلك إلى كونه المشجب الذي يعلق عليه الجميع مشكلاتهم، فالتربويون يعلقون على الإعلام، والمؤسسات الدينية

تعلق على الإعلام، والأسرة تعلق على الإعلام، والاقتصاديون ورجال الأعمال يعلقون على الإعلام، والأمنيون يعلقون على الإعلام، ومسئولو الرياضة والأندية يعلقون على الإعلام.. وحتى المواطن العادي يعلق على الإعلام مشكلاته ومنغصاته وصعوبات حياته.. فمن بقي لا يعلق على الإعلام؟!

وحتى المؤتمرات الإقليمية والعالمية تشير بالهمز واللمز إلى الإعلام، وكأن الإعلام هو العصا السحرية التي يمكنها فك أكواد المشكلات، وفتح غموض قضايا العالم.. ومن المهم توضيح أن المؤتمرات التي تقام في الدول المتقدمة من النادر جداً أنها تشير إلى الإعلام أو تضعه عدواً أمام تحديات المسائل التي تواجهها، بينا تعمل بل تحرص المؤتمرات والمنتديات في الدول النامية إلى التذكير بأن الإعلام هو حجر الزاوية، وهو مشكلة العالم الكبرى التي يجب أن توضع له وأمامه الحلول المناسبة، وهو الجهة التي تتسبب في مشكلات وصعوبات موضوعات الأمن والغذاء والاستهلاك والتعليم والاقتصاد والمجتمع، وحتى هو سبب الهزائم العسكرية والسياسية التي تواجه الدول والأنظمة.. (كما هي الحالة السورية على سبيل المثال)..

ومن السخرية أن الدول المتقدمة التي لا تستعدي الإعلام أو لا تحيل إليه مشكلاتها وهمومها وقضاياه، فالإعلام فيها يكون حراً وغير متحكم فيه من قبل تلك القوى السياسية، بينما الإعلام في الدول النامية هو تحت هيمنة وسيطرة الدول والقوى ذات النفوذ في المجتمع. وعلى الرغم من ذلك فنحن في العالم النامي نهاجم مؤسسات الإعلام أكثر مما تهاجمها الدول المتقدمة.. ومن المفترض أن الدول المتقدمة هي التي تهاجم الإعلام وتكيل له بالنقد والعداء لأنها لا تمتلك نفوذاً عليه، ولا تستطيع السيطرة على ممارساته، فعلى الأقل يمكنها أن تشهر به أمام الرأي العام المحلي والعالمي.. في حين أن الدول النامية وهي تملك نفوذاً واسعاً على الإعلام يمكنها أن تتراجع عن النقد والهجوم على وسائل الإعلام، لأنها تتحكم فيه وتستطيع أن تديره بالشكل المناسب لحل مشكلات دولها ومجتمعاتها.

والسؤال ربما الذي يفرزه مثل هذا النقاش هو: هل الإعلام يشكل الحلقة الأضعف في الدول النامية، بينما هو الحلقة الأقوى في الدول المتقدمة؟ بمعني: هل الإعلام في الدول النامية يشكل حلقة ضعيفة في بناء الدولة والمجتمع، ولهذا يمكن أن نسحب عليه مشكلاتنا ونحمله إخفاقاتنا وفشلنا على الأصعدة كافة؟ وهذا ما حدث مثلاً وبشكل صارخ عندما حملنا الإعلام (إعلام أحمد سعيد) هزيمتنا في حرب الأيام الستة عام 1967م التي تمكنت فيها إسرائيل أن تجتاح سيناء والضفة الغربية والجولان في ستة أيام.. بمعنى أن هزيمتنا السياسية والعسكرية قد حملناها على الإعلام، وكنتيجة لتلك الحرب بقيت القيادات السياسية منتصرة في مجتمعات تلك الدول، ولكن تداعيات الهزيمة ألقت بظلالها على الإعلام وحملناه الهزيمة الأكبر في تاريخ الدول العربية..

ويظل سؤال الإعلام يطاردنا في كل مكان وفي كل مناسبة وفي كل مؤتمر وفي كل ظرف من الظروف.. يبقى الإعلام هو المشجب الذي نعلق عليه كل تداعيات الفشل والهزيمة، وكل مسببات الفقدان والخسارة، وكل مجالات النقص والتقصير.. وكدليل على ما أشير إليه هنا انظروا التوصيات الختامية لكل مؤتمر أو ندوة أو ورشة عمل أو حتى جلسة أو اجتماع أو ربما حتى سواليف جانبية أو هامشية في أي مكان ووقت في عالمنا النامي، سنجد أن الإعلام هو المحور الأساس الذي يصبح مشجباً نرمي عليه كل إخفاقات المؤسسات والدول وحتى الأشخاص.. بينما من النادر جداً أن نجد مثل هذه التوصيات في أي مؤتمر أو ندوة تنظم في دول متقدمة، فتوصياتها ستكون موجهة للجهات ذات العلاقة بشكل مباشر ولا تتناول الإعلام بأي شكل من الأشكال.

والسؤال المشروع في هذا الحوار هو: لماذا نحن هكذا نرمي على الإعلام ونكيل له باللوم والمسبة وأحياناً الشتائم ونوصفه بالمصائب والعداء وكل أشكال الهجوم الممكنة..؟ وفي الوقت نفسه لا نجد مثل هذا النوع من الشتائم والعداءات للإعلام في الدول المتقدمة؟ ولا نكتفي في عالمنا النامي باشكال اللوم الرسمي بل يتعدى ذلك إلى قطاعات وشرائح شعبية مختلفة، كلها تعمل في اتجاه تحميل الإعلام الفشل والإخفاقات التي نواجهها في شئون الحياة العامة والخاصة كافة.. وفي نظري أن هناك أسباباً، ومنها أن مكانة الإعلام تعد في موقع يظل تحت نفوذ مؤسسات المجتمع ولا يشكل مؤسسة مستقلة عن باقي المؤسسات المجتمعية، ولهذا فهو الحلقة الأضعف من بين حلقات المجتمع كافة. كما أن الإعلام في الدول النامية هو إعلام مغلق وليس إعلاماً مفتوحاً، ولهذا فهو يستمع إلى نصائح وتوجيهات من مختلف الشرائح المجتمعية ويقع تحت تأثير مؤسسات المجتمع النافذة.. وفي حالة وقوع مشكلة أو إخفاق مؤسسي أو مجتمعي فنجد أنه أقرب المؤسسات للوم والتعليق عليه من قبل تلك المؤسسات ومن قبل المجتمع بشكل عام..

alkarni@ksu.edu.sa
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود
 

الإعلام هل هو الحلقة الأضعف؟!
د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة