|
الجزيرة - ا ف ب:
بعد ما حثت صندوق النقد الدولي على الإصلاح، لا تزال الولايات المتحدة تراوح مكانها أو حتى تعرقل العملية الهادفة إلى إعادة توازن المؤسسة في واشنطن لصالح دول ناشئة. والولايات المتحدة، أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، هي اليوم الدولة الوحيدة في مجموعة الثماني التي لم تصادق بعد على شقي الإصلاح اللذين يتيحان للصندوق مضاعفة موارده الدائمة (حوالي 767 مليار دولار) وتعزيز ثقل الدول الناشئة في مجلس إدارته. وبين دول مجموعة العشرين، وحدها الأرجنتين التي لديها ماض من الخلافات مع صندوق النقد الدولي، تبدي البرودة نفسها. لكن مراوحة الولايات المتحدة تترتب عليها نتائج حاسمة، لأنه بدون تقديم حصتها البالغة 16,7% من حقوق التصويت فإن الإصلاح المزدوج للحصص وللإدارة الذي تم التصويت عليه في نهاية 2010 لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ. ولا يزال صندوق النقد الدولي يأمل رسمياً في أن تنتهي العملية كما كان مرتقبا في نهاية 2012 لا سيما بسبب الضغوط التي تشكلها الأزمة في منطقة اليورو. وكانت المديرة العامة لصندوق النقد كريستين لاغارد أعلنت في نهاية تموز - يوليو «هدفي الاقتراب بأكبر قدر ممكن من نقطة الوصول» مقرة في الوقت نفسه بأن صندوق النقد الدولي «لا يزال متأخراً بعض الشيء» في شق الإدارة. وبحسب آخر تقرير الاثنين فإن هذا الشق من الإصلاح لم تصادق عليه حتى الآن سوى 102 دولة تمثل 65,9% من حقوق التصويت في حين أن عتبة 85% مطلوبة لكي يتم تعديل إدارة الصندوق بشكل يعكس أكثر الواقع الاقتصادي. وحاليا تملك الصين، ثاني قوة اقتصادية في العالم، 3,8% فقط من حقوق التصويت في مجلس الإدارة بفارق ضئيل عن إيطاليا (3,1%). وبموجب الإصلاح ستحصل بكين على حوالي ضعفي هذه النسبة (6,0%). وقال ناطق باسم صندوق النقد الدولي لوكالة فرانس برس «نرحب بالتقدم الذي أحرز حتى الآن ونحث الدول الأعضاء على إنجاز التحركات اللازمة بسرعة».
وكانت الولايات المتحدة، التي تعتمد الجمود حاليا في هذا الملف، بين أول المشجعين لإعادة التوازن هذه خلال قمة مجموعة العشرين في سيول عام 2010 متحدثة عن «تعددية الأطراف» ومنتقدة ضمنيا عدم تمثيل الأوروبيين بشكل كاف في الصندوق. وقال دومينيكو لومباردي العضو السابق في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي لوكالة فرانس برس «هناك نوع من المفارقة في رؤية أن الدولة التي أطلقت مجموعة الإصلاحات هذه هي بالواقع من يعرقل تطبيقها».
وبحسب هذا الخبير فإن واشنطن مترددة بشكل خاص في تعزيز ثقل الصين في صندوق النقد الدولي بسبب «خلافات متنامية» لا سيما تجارية بين البلدين. لكن بحسب عدة مصادر فإن تردد الإدارة الأميركية في عرض إصلاح صندوق النقد الدولي على الكونغرس سببه خصوصاً الحملة الانتخابية -الرئاسية والبرلمانية- في الولايات المتحدة. وقال مصدر من داخل صندوق النقد الدولي «إن قسماً من النواب الأميركيين لديهم ارتياب كبير حيال الصندوق».
وقالت بسمة مومني أستاذة العلوم السياسية في جامعة واترلو (كندا) لوكالة فرانس برس إن «الكونغرس يمكن أن يستخدم موضوع صندوق النقد الدولي لغايات محض داخلية». وأضافت أن إصلاح الصندوق قد لا يلي حتى الانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني - نوفمبر في حال فوز المرشح الجمهوري ميت رومني. وتابعت: «ستتشكل حينئذ إدارة تعتمد موقفا أكثر عدائية حيال هذه المنظمات» الدولية. وفي اتصال مع وكالة فرانس برس لم تشأ وزارة الخزانة الأميركية التعليق على موقف الحكومة الأميركية. لكن مسؤولا في الإدارة رفض الكشف عن اسمه أكد أن الولايات المتحدة ستكرر التزامها في العمل على تطبيق إصلاح صندوق النقد الدولي في 2012.