ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 24/08/2012 Issue 14575 14575 الجمعة 06 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

قصتان قصيرتان
جنون الضحكة
نهار عبدالله

رجوع

 

امتهنتْ كتابة الفكاهات والقفشات التي تروق لكل سامع، أصبحت صانع البسمة الأوحد بين كل سكان عمارتنا، إلا بوابها الذي كان يمتاز بطابع من الكآبة الثقيلة..

كان يشكل لي عقدة نفسية لدرجة أنه صار هدفي الوحيد في الحياة رؤية أسنانه على سبيل الضحكة.

وذات مساء ساكن.. طرقت مسامعي قهقهات عالية وضحكات جديدة لم أستطع تشخيص صاحبها، وهو الأمر الذي زادني فضولاً؛ ما شجعني على التطفل لمعرفة من أطلق تلك الضحكات.

هرعت مسرعاً كوني المسؤول عن البهجة في العمارة.. وإذا بي أرى البواب في موقف لا يُحسد عليه.

كان يحمل طفله الصغير بين ذراعيه وهو يقطر دماً.. ويطلق ضحكات بأعلى صوته ومن دون توقف..

احتشدت الكلمات في رأسي من هول وغرابة المشهد.. وعلى نحو مرتبك حاولت سؤاله عن حالة الطفل وأسباب الضحك في مثل هذه الحال المأساوية.

إلا أنه ركض إلى خارج البناية تتبعه نظراتي البلهاء ونقاط الدم على البلاط.

مضت الأيام، وبدأت أفتقد كآبته؛ لأنه صار يضحك على غير عادته دونما اهتمام بأي مخلوق.

وبعد أقل من أسبوع.. لم أعد أراه؛ ما أرغمني على السؤال عنه؛ لأستقبل إجابة جاري التي جعلتني أتذوق طعم البكاء لأول مرة في حياتي:

- لقد نُقل إلى مستشفى الأمراض النفسية بعد أن قُتل طفله الوحيد بين أحضانه في شظية الانفجار الأخير.

سوء حظ عاطفي

عيونها العسلية تُطالب كل ناظر بالدهشة..

ساحرة، آسرة، أخاذة.. تضحك تارة، وتدمع وتتلألأ تارة أخرى.. غريبة بكل ما تحمل من تعابير.

موعدنا.. لقاؤنا الوحيد كان في الحافلة الصباحية فقط.. أمام أنظار الناس جميعاً.

كانت تجلس دائماً في المقاعد الأولى وأنا أقابل نظراتها من المقاعد الأخيرة.. تُكلمني بحركات منتظمة برمشيها وجفنيها من دون قلق البوح بالكلمات وتلعثم الحروف أمام الجالسين، نتحدث كل يوم، ولا حاجة لنا بحرج اللسان وزلاته.

أجيبها بعيون خجولة تتمنى الرضا، أرد إليها صباحها الملون، وأبادلها نظرات تبصر شعراً وألواناً كلها من الورد..

كم كنت خائفاً من الموت لئلا يبعدني عنها..

كنت أعيش حياة حذرة، وأعتني بصحتي ومظهري على الدوام حتى لا أغيب يوماً عن رؤياها..

إلا أنه لسوء حظي العاطفي.. ولحسن التزامي العملي، حصلت على ترقية في العمل نقلتني إلى مكان آخر، وحولت تلك النظرات إلى ذكريات نتوسل بها العودة.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة