القانون الطبيعي في العلاقات الدولية يضع مبدأ المصالح فوق أي اعتبار، ولكن ولله الفضل والمنة فإن مواقف بلادنا لا تخضع لهذه النظرية لأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه ينظر إلى مبدأ التآخي والتناصر والتراحم والتعاضد بين الدول الإسلامية
على أنه أكبر من كل منطق يتعلق بالمصالح؛ لأنه رعاه الله يقف مع الحق ويناصره ويضمد الجراح العميقة في جسد أمة الإسلام ويعتبر بحلمه وكرمه وعقله الكبير ونيته الصالحة وحكمته أن كل ما تقدمه المملكة من دعم وعون ومساعدة للمسلمين في كل مكان هو واجب تفرضه تعاليم العقيدة الإسلامية السمحة ولا يمثل على الإطلاق منّة ولا شفقة، لأن علاقات المملكة بالعالم الإسلامي كافة ترتكز على مبادئ راسخة لا مبادئ هشة أو مؤقتة، ومن منظور الانتماء إلى الدين الحنيف شدد -أيده الله- في كلمته المؤثرة والمعبرة في مؤتمر قمة التضامن والذي عقد في مكة المكرمة في أواخر شهر رمضان المبارك على أهمية الوحدة وقضايا الإسلام.
وأكد على أن التضامن هو الحل الأمثل والأشمل لمعالجة كافة القضايا، لقد كان الملك المفدى وفياً مع أمته عندما اقترح تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية الهدف منه الوصول إلى كلمة سواء مدركاً أن الإسلام يعتبر الرسالة السماوية الأخيرة للبشرية هو دين الحق الوحيد الذي يحتم الانتماء إليه من بين كل الأديان الأخرى، ويقيناً فإنه بمجرد وجود هذا المركز سيكون اللقاء بين المذاهب الإسلامية مثمراً وسيكون التوافق في الروح والجوهر بين هذه المذاهب محققاً لطموحات الملك المؤمن وكل الغيورين، وبالتالي تجاوز معضلات الاختلاف وتحقيق الأهداف السامية والانفتاح ومواصلة التعامل مع الإنسان المسلم وأخيه من مفهوم يرتقي إلى أرقى سلالم الاحترام ولجم كل من يحاول التقليل من أهمية التضامن معللاً ذلك بفوارق بين مذهب وآخر صحيح أننا نؤمن بالاختلاف ولكن عندما يتحول إلى عداوة وإلى كراهية وحقد بين أبناء الدين الواحد فإن ذلك ينذر بعواقب وخيمة لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام ووسائله التي أوجدت هذا التناحر، وما دام أن الدين يحثنا على وحدة الصف والأفكار ويحثنا على الفضيلة وحسن المقاصد والصفح فما الذي يمنعنا من تحقيق الطموحات الكبيرة بربط جميع شعوب أمة الإسلام برباط مشترك من المودة والتعاطف والتقارب وألا نكفر من يدينون بدين الله ولا نتمنى لهم الشر وعلينا أن نحسن الظن ببعضنا، إنها دعوة صادقة لكل مسلم بأن يتقيد بتعاليم الرب جل وعلا والذي قال: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء.
والسعي بصدق لتحقيق دعوة ملك العدالة والإنسانية الذي من أولوياته خدمة الإسلام وعزته.